أنّ كلّ جزء من زمان التكليف محتاج الى أمر غير الأمر بجزء آخر من أمر مستقلّ ، وكذلك لا بدّ من وجود الشرائط لكلّ جزء في نفس زمان الجزء.
اذا عرفت ذلك فنقول : إنّ في ما نحن فيه في الحال ـ يعني بعد الفوت وحين الشكّ ـ لا يعلم بأمر متعلّق عليه وأمر سابق على جزء السابق ، ولو تعلّق فقد مضى زمانه وتنجّزه ، وثبوت التكليف في هذا الحال محتاج الى ثبوت الأمر في هذا الحال ، ولا يكفي أمر سابق على تقدير العلم ، لأنّه الآن شاكّ في علم سابق ولا يدري أنّ علمه كان بصلاة واحدة أو اثنتين ، فالعلم وإن كان فرضا محقّقا في زمان سابق لكنّ الآن شاكّ في علم سابق ، فيكون شاكّا في التكليف ، فعلى هذا لا إشكال بجريان البراءة في المقدار المشكوك.
وعلى هذا ظهر لك أنّه لا وجه للاستصحاب أيضا ؛ لأنّ الاستصحاب محتاج الى يقين سابق في زمان الشك ، والمقام ليس كذلك ؛ لأنّ في حال الشكّ شاكّ في علم سابق فكيف يجري الاستصحاب؟ وكذلك لا مجال لقاعدة الاشتغال ؛ لأنّه محتاج الى ثبوت التكليف ، والحال أنّ في الفرض يكون المكلف شاكّا في التكليف ، وهذا واضح ، وهذا التوجيه الذي قلناه في بطلان كلام الوحيد له نتائج في موارد ، وليس هذا الجواب هو الجواب عن الشبهة المصداقية الذي قلنا بأنّ الشكّ في العلم شكّ في المعلوم ، بل على ما قلنا من انحلالية الأمر ولو كان عالما في الآن الأول من التكليف ليس له أثر في آن حال الشكّ ؛ لأنّ هذا الآن محتاج الى أمره على حدة ويكون شاكّا في علم سابق.
فمن النتائج المترتبة عليه هي : أنّه ولو قلنا في باب الاستصحاب بأنّه على تقدير علم في البين لا يمكن في زمان الشكّ التمسّك بالاستصحاب ؛ لأنّ التمسّك به يكون التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية ، ولكن مع ذلك يكون ما نحن فيه مورد البراءة ؛ لما قلنا من انحلالية الأمر ، وأنّ كلّ آن محتاج الى تنجيز التكليف الى أمر مستقلّ ، بخلافه في الاستصحاب فإنّه بالاستصحاب يجري أمر سابق لا أمر آخر.