مخترعاتهم من امضاء الشارع ، وبمجرد عدم الإمضاء لا يمكن الأخذ بمعتبرات العرف إلّا بورود دليل خاصّ أو عامّ على الإمضاء ، ولا يكفي الدليل المجمل.
ومن هنا ظهر لك أنّ من قال بأنّ العمل وفق العرف يصحّ ويكفي في الإمضاء بعض ما ورد من الشرع ليس في محلّه ؛ لأنّه لا بدّ وأن يكون لما ورد إطلاق بحيث يشمل المورد ، ولا يكون ما ورد كذلك ، بل يكون مجملا. وأيضا اعلم أنّ في هذا القسم في الصدق أيضا يرجع الى العرف لأنّه مخترعه ، فلا بدّ من الرجوع اليه ، بخلاف القسم الأول فإنّه لا يمكن في الصدق من الرجوع إلّا الى العقل.
المورد الثالث : وهو الرجوع اليهم في الموضوع له وفقا لأحكام الشارع ، وهو يكون في المورد الذي بيّنه الشارع حكما ولم يبيّن ما هو موضوع الحكم.
وبعبارة اخرى : يكون للشارع مخترعات فلو بيّن ما هو موضوع مخترعه فهو ، وأمّا لو لم يبيّن موضوع مخترعه وكان للعرف أيضا نظير مخترع الشارع فوظيفة الشارع هي بيان ما اخترعه ، فلو لم يبيّن فيكون العرف طريقا لفهم موضوع مخترع الشارع له لوجود نظيره عند العرف أيضا.
والسرّ في ذلك هو : أنّ الشارع لو اخترع شيئا ولم يبيّن موضوع مخترعه ولم يتّكل الى ما هو نظير مخترعه عند العرف فقد أخلّ بغرضه ، فعدم بيانه شاهد على أنّه جعل العرف طريقا لكشف الموضوع الذي اخترعه ، وفي هذا القسم وإن كان لا بدّ من الرجوع الى العرف لكن لا بالملاك الذي قدّم في القسم الأول أو القسم الثاني ، بل بملاك آخر ، وهو : أنّ الرجوع في القسم الأول وكذا الثاني يكون الى العرف لكشف ما هو الموضوع له اللفظ في الأول عندهم ، وما هو حقيقة مخترعهم في الثاني ، فيكون لكشف الموضوع له اللفظ أو الحقيقة موضوعيته بنفسه.
وأمّا في هذا القسم فيكون الرجوع اليهم لا لموضوعية في مخترعهم ، بل لأجل كون نظر العرف طريقا في كشف ما هو حقيقة مخترع الشارع ، فالفرق واضح ، كما