وأمّا مقام دلالة الشيء على الشيء فلا يحتاج الى كون المتكلّم متوجّها اليه وفي مقام بيان دلالته ، بل يمكن أن يقول الشخص كلاما ولا يلتفت الى ما يدلّ هذا الكلام به ومع ذلك يكون دالّا عليه ، مثلا لو أخبر زيد بحياة عمرو في هذا اليوم وهو ليس إلّا في مقام حكاية ذلك ، ولكنّ هذا الكلام دالّ على حياة الإنسان في هذا اليوم مع عدم التفات زيد له أصلا ، فالدلالة غير محتاجة الى ما تحتاج اليه الحكاية.
اذا عرفت الفرق بين الحكاية والدلالة فنقول بعونه تعالى : إنّ لسان الاصول ليس إلّا التعبّد في مقام العمل ، وأمّا كونه حكاية عن الواقع أو دلالته عنه فلا.
وأمّا الأمارات فلو كان لسان أدلة الطرق والأمارات هو حجية خصوص ما يحكي عنه المخبر فلا يمكن الالتزام بالفرق بين الأمارات والاصول ، وأمّا لو كان لسان أدلّتها هو الأخذ بمدلول كلام المخبر فيكون مثبتات الأمارة حجة ؛ لأنّ قول المخبر دالّ على اللوازم والملزومات ، ولا يحتاج ـ كما قلنا ـ الى كون المخبر في مقام دلالتها ، بل كلامه دالّ ولو كان غير ملتفت اليه ، واذا بلغ الأمر الى هذا المقام فأنت لو تأمّلت ستعرف أنّ لسان أدلة الطرق والأمارات هو جعل الواقع الذي أخبر عنه المخبر مقام الواقع ، فلو كنت أنت عالم بالواقع فكيف تتعامل؟ فكذلك تعامل مع الأمارة ، ولا إشكال بأنّ حكايته لا دخل لها في حجّيته وكان بحيث لو انكشف لك الواقع من غير الطريق كان حجة لك ، فليس حجية قوله إلّا لأجل كشف الواقع وحكايته لا دخل لها ، واذا انكشف الواقع فلا بدّ من ترتيب آثار الواقع.
وبعبارة اخرى : لو كنت أنت تسمع هذا الكلام عن الصادق عليهالسلام تعامل أيّ معاملة؟ كذلك حاسب قول زرارة قول الصادق عليهالسلام ، فكما أنّ بعد قول الصادق عليهالسلام تأخذ بما هو آثار الواقع وبلوازمه وملزوماته كذلك تفعل هذا بقول زرارة.
فالسرّ في الفرق بين الأمارات والاصول هو : أنّ الأمارة تدلّ على لوازم