عبادي ـ أي كان توصليا ـ فيثاب عليه باعتبار توصليّته ، فتنتج ثمرة أخبار من بلغ أنّ هذا الشيء قبل أخبار من بلغ لا يمكن إتيانه لأجل ضعف سنده ولو كان عبادة ، وببركة أخبار من بلغ يمكن إتيانه ويثاب عليه باعتبار عباديته ، فتكون أخبار من بلغ مثبتة لعباديته ، فصارت أخبار من بلغ سببا لعبادية هذا الشيء ويثاب العبد بإتيانه ، فيكون المقصود من أخبار من بلغ استفادة استحباب العمل.
فنقول بعون الله تعالى : إنّه يحتمل في أخبار من بلغ احتمالات :
الاحتمال الأوّل : ما ذكره الشيخ الانصاري رحمهالله ، وهو : أن تكون أخبار من بلغ طريقية مثل الأمر بتصديق العادل ، ومعنى طريقيّته هو أنّه ليس فيها إلّا جهة الإراءة عن الواقع ، فإن كان هو الواقع فلا بدّ من اتّباع الطريق ، ولذا فمعنى صدق العادل هو أنّه يفرض قول العادل الواقع فتتبعه ، لا أنّه لو لم يكن واقع يجب تصديق العادل ، وتكون أخبار من بلغ طريقية أيضا بهذا المعنى ، بمعنى أنّ البلوغ ليس له موضوعية ، بل يكون طريقا الى الواقع ، فالعمل على طبق ما بلغ يكون لأجل طريقيّته الى الواقع.
ولكن لا يخفى عليك أنّ هذا الاحتمال لا يستفاد من أخبار من بلغ ، ولا يمكن الالتزام به ، ولو أنّه لم يذكره الشيخ رحمهالله لم نتعرّض لهذا الاحتمال أصلا ، لأنّه كما ذكر معنى الطريقية هو أنّه ليس فيه جهة إلّا كونها مرئية للواقع ، وإلّا فلو لم يكن واقع لا يجب سلوك الطريق. وبعبارة اخرى : يكون الطريق من العناوين الثانوية ويكون لحفظ الواقع ، وليس فيه في حدّ ذاته جهة إلّا حفظ الواقع كما في صدق العادل ، ولا يمكن القول بذلك في أخبار من بلغ ، لأنّ المستفاد منها هو أنّ لنفس البلوغ موضوعية ، ويكون من العناوين الأولية ، ويكون موضوعا من موضوعات العالم ، كما لو قال : اذا صمت كان لك الأجر الفلاني.
ومن الواضح أن بصرف البلوغ والعمل على طبق ما بلغ يترتب الثواب ، لا بما