وفيه : أنّه كما قلنا بعد تعيين معنى المفردات ومعرفة القرائن ليس العرف مرجعا في الألفاظ المركبة ، ثمّ بعد ذلك أيضا قال بأنّ الرجوع الى العرف يكون كالرجوع الى لسان الدليل ولا فرق بينهما ؛ لأنّ من لسان الدليل أيضا يستفاد من مناسبة الحكم والموضوع ما يستفاد من نظر العرف.
ولا يخفى عليك أنّ نظر العرف غير لسان الدليل وغير نظر العقل ، فبهذا التقريب لا يمكن رفع الإشكال.
اذا عرفت ذلك فاعلم أنّه كلّما يكون وظيفة العقل وعهدته عليه يكون المرجع هو العقل ، وكلّ مورد يكون بيانه ووظيفته على الشرع فالمرجع هو الشرع ، وكلّ مورد تكون وظيفة العرف فيه فالمرجع هو العرف.
ومن الواضح أنّ كل مورد يكون فيه المرجع العقل أو الشرع أو العرف فليس لغيره التصرف فيه ، ولو تصرف فلا بدّ وأن يكون بهذا النظر ، مثلا في باب الإطاعة والمعصية حيث يكون بيانه وأنحاؤه بيد العقل فالمرجع هو العقل ، فليس للعرف تصرف في ذلك إلّا بمقتضى عقلائيّته ، وكذلك في باب بيان الأحكام حيث يكون بيانه على الشارع فهو المرجع وليس للعقل والعرف تصرف ، وكذلك في باب الألفاظ وتعيين مفاهيمها فحيث عهدتها على العرف فليس لغيره تصرف ولو تصرف الشرع فيما كان أمره بيد العرف فيكون بمقتضى عرفيّته لا بمقتضى شارعيّته ، فعلى هذا اعلم : أنّ في بعض الموارد يكون العرف مرجعا بلا إشكال ، فلا بد من فهم موارده وما هو ملاك في الرجوع اليه ، حتى أنّ في كلّ مورد كان هذه الملاكات نحكم بكونه مرجعا ، وإلّا فلا.
فعلى هذا نذكر بعض الموارد الراجعة الى العرف :
المورد الأول : هو باب الألفاظ ، بمعنى أنّه في ألفاظ الموضوع لا بدّ من الرجوع الى العرف. وبعبارة اخرى : في فهم أنّ اللفظ الكذائي غالبا هو للمعنى