اذا عرفت هذا فاعلم : أنّه لو كان الشك في الآن الثاني في يقين الأول ، بمعنى أنّه كان الشخص متيقنا بشيء في يوم كذا ثمّ بعد ذلك يشك في يقينه السابق ، بمعنى أنّه يشك في أنّه هل حصل له اليقين بالشيء الكذائي في يوم كذا أم لا؟ ففي الاستصحاب لا يكون شكه في الآن الثاني في متيقن الأول ، يعني في الحدوث ، بل يكون في البقاء ، وأن اليقين السابق باق حتى في الحال ، أعني المتيقن ثابتا الى الحال أم لا؟ وأمّا في هذا يكون الشك في أصل الحدوث.
وبعبارة اخرى : تارة يكون المتيقن عنده مشكوك الحدوث حال الشك ، واخرى لا يكون مشكوك الحدوث حال الشك ، فإن كان الأمر كذلك ـ يعني كان الشك في أصل الحدوث ـ فيكون قاعدة اليقين. إذا فهمت معنى قاعدة اليقين فيقع الكلام في حجّيتها وعدمها ، وأنّها هل تكون حجة كالاستصحاب ، أو لا؟
فنقول بعونه تعالى : إنّه لا دليل على حجيتها إلّا ما قد يتوهّم من شمول أخبار الاستصحاب لها بتقريبين :
الأول : بأنّ «لا تنقض اليقين بالشك» عام ويكون فرد منه اليقين الذي باق حدوثه ولو حال الشك ويكون الشك في بقائه حال الشك ، كما في الاستصحاب ، وفرد منه يكون اليقين بحدوثه في حال الشك غير باق كما في القاعدة.
الثاني : التمسّك بالإطلاق ، بأن يقال : إنّ «لا تنقض» له إطلاق ، فاليقين له حالتان :
إحداهما : حالة الشك في حدوثه حال الشك ، كما تكون في القاعدة.
ثانيتهما : حالة الشك في بقائه حال الشك مع بقاء اليقين بحدوثه. ولا يخفى عليك أنّه لا وجه في المقام للتمسّك بالإطلاق ، لأنّه بعد كون اليقين من الصفات النفسانية وهو كسائر الصور العلمية تابع لصورته فاليقين تابع للمتيقن ، وبعد كون المتيقن له خصوصيتان : إحداهما خصوصية الشك في البقاء الذي في الاستصحاب ،