كيف يمكن أمر واحد تعلقه بالنسبة الى أحد بنحو وبالنسبة الى الآخر بنحو آخر؟ وإن قلت بالأمر الثاني يصير الذاكر مختلفا مع الناسي فهذا أيضا باطل ؛ لأنّه بعد ما قلنا من أنّ تعدّد الأمر كاشف عن تعدّد المتعلّق فلا بدّ أن يكون متعلّق الأمرين متعددا ، فيعود محذور الأول. وإن قلت بأنّه ولو أنّ الأمر متعدد ولكنّ الثاني بعنوان الجزئية للأول فأيضا يعود الإشكال ، ولا بدّ من تغاير الذاكر والناسي في المأمور به ، وهذا عين الإشكال.
وممّا قلنا ظهر لك فساد ما قاله النائيني رحمهالله على ما في تقريراته من أنّ الارتباطية ليس ميزانها وحدة الأمر ، بل ميزانها وحدة الغرض ، فعلى هذا ولو كان الأمر متعدّدا لا يضرّ ، لأنّه لو كان الغرض واحدا فلا بدّ من أن يكون الأمر أيضا واحدا ، فلا معنى لتعدّد الأمر ، وإن كان الغرض متعدّدا فلا بدّ من تعدّد الأمر فيخرج عن محلّ الكلام ؛ لأنّ تعدّد الأمر كاشف عن تعدّد المتعلق ، والحال أنّ كلامنا يكون فيما كان المتعلق والمأمور به واحدا ، غاية الأمر أجزاء المأمور به مختلفة بالنسبة الى الذاكر والناسي ، فافهم.
أمّا الكلام في زيادة الجزء فنقول بعون الله تعالى : إنّ أخذ الجزء جزءا يتصور على أربعة وجوه :
الوجه الأول : أن تكون الطبيعة الصادقة على القليل والكثير جزءا إمّا لأنّ الطبيعة تكون بحيث قابلة لذلك ، وإمّا للتخيير بين الأقلّ والأكثر على فرض تعقّله ، فلو كان جزئية الجزء كذلك فلا معنى للزيادة أصلا ، ولا تتصور الزيادة ؛ لأنّه بعد كون الطبيعة الصادقة على القليل والكثير جزءا مثلا لو أتى بتسبيحة واحدة أتى بالجزء ولو أتى بألف تسبيحة أيضا أتى بالجزء ، ولا يكون أحد منها زائدا.
الوجه الثاني : أن يكون صرف الوجود من الطبيعة جزءا ، ففي هذا القسم أيضا لو أتى بأفراد من الطبيعة دفعة فلم يأت بشيء زائد ، ولو أتى بأفراد من الطبيعة