ومنشأ توهّم أنّ هذا الفرض يكون من مصاديق الخروج عن محلّ الابتلاء هو صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليهمالسلام الواردة فيمن رعف فامتخط فصار الدم قطعا صغارا فأصاب إناءه هل يصلح الوضوء منه؟ فقال عليهالسلام : «إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس به ، وإن كان شيئا بينا فلا» فتوهّموا أنّ مفروض السائل هو القطع بإصابة الدم للإناء ، ولكن لا يدري هل أصاب ظهره أو داخله؟ فحيث يكون ظهره خارجا عن محلّ الابتلاء جوز الوضوء من الماء الداخل.
ولكن لا يخفى عليك أنّ مفروض الراوي ليس العلم الإجمالي لأنّه فرض أنّه صار الدم قطعا صغارا ، فيكون مفروض الراوي هو الدوران بين الأقلّ والأكثر ، فالأقلّ وهو إصابة نفس الإناء معلوم عنده ، ولكن كان شكّه في أنّه هل أصاب الماء أيضا أم لا؟ فقال عليهالسلام : «إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس».
والشيخ رحمهالله مع أنّه قال به وحملها المشهور على أنّ إصابة الإناء لا تستلزم إصابة الماء مع ذلك لم يقل بما قلنا ، فافهم.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ كلّ مورد كان بعض الأطراف فيه خارجا عن محلّ الابتلاء لا إشكال في عدم تعلق التكليف المطلق به ، بل قال بعض بأنّ في بعض الفروض يكون التكليف المشروط به أيضا مستهجنا ، وعلى كلّ تقدير كلّ مورد علم فيه بخروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء لا إشكال في عدم فعلية التكليف فيه ، وكلّ مورد علم فيه بكون الأطراف ضمن محل الابتلاء أيضا لا إشكال في فعلية التكليف وتنجّزه.
إنّما الكلام فيما شكّ في أنّه هل هو خارج عن محلّ الابتلاء حتى لا يصير منجّزا ، أو يكون ضمن محلّ الابتلاء حتى يكون التكليف منجّزا؟ فهل يكون مقتضى القاعدة هو البراءة أو الاشتغال ، أو يكون المورد هو الرجوع الى العمومات وإطلاقات الأحكام؟