المقصد الرابع
لا يخفى عليك أنّه لو التزم أحد بالتصويب في الفرعيات فلا إشكال في أنّه لو تبدّل رأيه برأي آخر ، أو رأيه السابق بالاحتياط في المسألة تصحّ أعماله السابقة لكون مؤدّى رأيه هو الواقع على التصويب ، وأمّا على ما هو الحق وهو مختارنا من الالتزام بالتخطئة في الفروع فلو تبدّل رأي المجتهد فهل تكون أعماله السابقة التي عملها على طبق رأيه السابق صحيحا ومجزيا ، أو ليس كذلك ، أو التفصيل بين العبادات والمعاملات؟
اعلم : أنّ مقتضى القاعدة هو عدم الإجزاء ، مطلقا ، سواء كان الطريق الذي أدّى الى رأيه السابق هو القطع ، أو الأمارة ؛ لأنّ حجيتهما تكون ما دام لم ينكشف الخلاف ، فاذا انكشف الخلاف فلا مقتضى للإجزاء. نعم ، ما يفوت منه بسبب الطريق حيث كان بأمر الشارع سلوكه لهذا الطريق وليس قابلا للجبران ، مثل مصلحة الوقت فلو ذهب من يده فلا جبران له ، فعلى هذا كلّ ما كان قابلا للجبران والتدارك كقضاء الصلاة مثلا فعليه الجبران بمقتضى القاعدة ، وقد يقال في خصوص الصلاة بعدم لزوم الإعادة والقضاء لو صلّى بنحو بمقتضى رأيه ثم تبدّل رأيه بمقتضى حديث «لا تعاد» لو كان ما فات منه بسبب اشتباهه غير المستثنى.
ولكنّ فيه : أنّ حديث لا تعاد لا يشمل صورة الجهل ، فعلى هذا لا وجه للتمسّك به للمورد ، وكذا بحديث الرفع ، لأنّ حديث الرفع أيضا يرفع ما دام لا يعلم ، وأمّا مع العلم فلا وجه لرفعه ، ولكن مع هذا في خصوص العبادات نلتزم بالإجزاء لأجل الإجماع القائم على هذا ، وأما في المعاملات فلا وجه للقول بالإجزاء ، بل كما قلنا : عدم الإجزاء يكون مقتضى القاعدة. والتمسك بدليل العسر والحرج بأنّ عدم الإجزاء بعد تبدّل الرأي موجب للعسر والحرج في غير محلّه ، إذ على تقدير كون