لم يلزم المخالفة العملية أصلا ، لأنّه بعد قيام العلم على طهارة أحد هذين الإناءين فجريان الأصل في كلّ منهما مخالف للعلم التفصيلي ، وفي أحدهما يكون ترجيح بلا مرجّح ، فتدبّر.
اذا عرفت ذلك فنكون نحن والمعلوم التفصيلي ، فكلّ ما يكون له من الآثار لا بدّ من جريانه في الأطراف أيضا بالبيان الذي قدّمناه سابقا ، وهذا بحسب الكبرى ممّا لا إشكال فيه ، إنّما الإشكال في صغراه.
منها : أنّه هل يحكم بتنجيس ملاقي بعض الأطراف ، أو لا؟
اعلم أنّ للشيخ رحمهالله في هذا المقام عبارة صارت مورد الإشكال ، حيث قال : تنجّس ملاقيه وعدمه مبنيّ على أنّه لو قلنا بأنّ تنجّس الملاقي إنّما جاء من وجوب الاجتناب عن ذلك النجس بناء على أنّ الاجتناب عن النجس يراد به ما يعمّ الاجتناب عن ملاقيه ولو بوسائط فيحكم بنجاسة الملاقي ، ولو قلنا بأنّ الاجتناب عن النجس لا يراد به إلّا الاجتناب عن العين وتنجّس الملاقي للنجس حكم وضعيّ سببي يترتّب على العنوان الواقعي من النجاسات ، نظير وجوب الحدّ للخمر فلا يحكم بنجاسة الملاقي.
هذا حاصل كلام الشيخ رحمهالله ، فإنّا أوّلا نذكر مراده ، ثمّ ننظر بأنّه هل يكون مورد الإشكال ، أو لا؟
فنقول مقدمة : إنّ مدّعى ابن الزهرة بأنّ معنى نجاسة الشيء هو وجوب الاجتناب عنه وعن ملاقيه بأنّ للنجاسة أثرين عرضيّين : أحدهما الاجتناب عن نفسها ، والثاني الاجتناب عن ملاقيها ، وقد تمسك لذلك بقوله تعالى : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) بانّ معنى الهجر هو الاجتناب عن النجاسة وعن ملاقيها. وبعبارة اخرى : بعد نجاسة شيء يكون للشارع تكليفان عرضيان : الاجتناب عن أصل النجس ، والاجتناب عن ملاقيه ، فالاجتناب عن الملاقي أثر آخر في عرض الاجتناب عن