الآية لا تشمل الخبر الواحد ، حيث إنّ المأخوذ في الآية هو التحذّر عند الإنذار ، ولا إشكال في أنّ شأن الرواة لا يكون الإنذار ، بل يكون صرف نقل قول المعصوم. نعم ، يصدق ذلك في حقّ المفتين ، وأمّا الرواة فلا يكونون منذرين.
وأجاب المحقّق الخراساني رحمهالله عن ذلك : بأنّ رواة الصدر الأول أيضا لم يكونوا منذرين ؛ لأنّه لا يكون بناؤهم على صرف نقل الخبر ، فبعدم القول بالفصل بينهم وبين سائر الناس يثبت المطلوب.
ولكن لا يخفى ما في هذا الإشكال من الفساد ، ولا نفهم كلام الشيخ رحمهالله في المقام ؛ لأنّه لو كان المراد بالإنذار في الآية هو عين ما يتفقّهون كما هو الظاهر ولا إشكال في أنّ المراد هذا فلم يقول بأنّ الرواة لم يكونوا منذرين؟ حيث إنّهم أيضا منذرون بعين ما يقولون ، ولا يخفى أنّه لا يوجب في الإنذار التخويف بقرينة المورد ، لأنّ في مورد الآية ـ وهو موضوع الإمامة أو بيان المعجزة ـ يكون إنذار ، أو الحال أنّه لا يكون فيه تخويف ، بل طائفة المنذرين يخبرون بصرف المعجزة أو الإمام المنصوب ، فمن هذا يكشف عن أنّ الإنذار لا يلزم فيه التخويف ، فعلى هذا شمول الآية للرواة مع قطع النظر عن الإشكالات السابقة ممّا لا ريب فيه ، ولو كان المراد بالإنذار عدم صرف ما يتفقّهون وعالمون به من المعجزة أو نصب الإمام بل لا بدّ من التخويف فيه كما ترى عند الخطباء وأصحاب المنابر فهذا مع بطلانه لا يكون المفتي منذرا بذاك المعنى أيضا ؛ لأنه لا يكون مخوّفا ، فما قاله من أنّ المفتي منذر فاسد ، فمنشأ الخلط هو تخيّل أنّه لا بدّ في الإنذار من التّخويف ، فوقع في هذه الإشكالات ، فبعد ما عرفت من فساد ذلك لا يرد إشكال ، فافهم.
ومن الآيات التي استدلّوا بها على حجية خبر الواحد قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ.)