فنقول : إنّه قد ثبت في محلّه أنّه يجب تحصيل مقدمات الاجتهاد ، فلا يكفي التقليد في النحو والصرف والتفسير والكلام وغيرها من مقدمات الاجتهاد ، ولا بدّ فيها من الاجتهاد ، فافهم.
اذا عرفت ذلك كلّه فهذا كلّه على القول بأنّ وظيفة اللغوي بيان الحقائق والمجازات ، وأمّا لو لم يكن كذلك بل على ما هو التحقيق لا يكون وظيفة أهل اللغة إلّا بيان موارد الاستعمالات فكيف يمكن الرجوع اليهم؟ وهذا ممّا لا إشكال فيه ، ولا شك في عدم كون وظيفة أهل اللغة إلّا بيان موارد الاستعمال ، لا بيان الحقيقة والمجاز.
فانقدح بذلك كلّه عدم اعتبار الظنّ الحاصل من قول أهل اللغة في تعيين الحقيقة والمجاز ، لكنّ بيان موارد الاستعمال وظيفة اللغوي ، ويمكن الاعتماد على قولهم مع اجتماع شرائط الخبر. نعم ، في بعض الألفاظ اتّفق أهل اللغة على كونه مستعملا في معنى واحد يمكن كشف كونه حقيقة فيه لأجل حصول الاطمئنان ، لا لأجل حجية الظنّ الحاصل من قولهم.
فظهر لك : أنّ تعيين الحقائق والمجازات لا يصحّ بقول اللغوي ، ولا بد فيه كسائر مقدمات الاجتهاد من الاجتهاد ، وما يعتبر من قول اللغوي مع اجتماع شرائط الخبر فيه هو بيان موارد الاستعمال ، فاذا عرفت موارد الاستعمال لا بدّ من فهم كون اللفظ حقيقة في أيّ من المعاني في الرجوع الى علائم الحقيقة والمجاز ، فافهم وتأمّل جيّدا.
أصل في الشهرة الفتوائية
وممّا قيل بخروجه عن تحت أصالة عدم حجّية الظنّ هو الشهرة في الفتوى ، فما قالوا في توجيه حجية الظنّ الحاصل منه وجوه :
قد يقال بحجيته من باب دليل الانسداد.
وفيه : أنّ الكلام في حجّيته بالخصوص ، وأمّا لو ثبتت تمامية أدلّة مطلق الظنّ