الدليلين ، ويكون التنافي بين المدلولين بما هما مدلولا الدليل فيدل الدليلان على أن بين المدلولين يكون التنافي ، وأنّ التنافي لو كان بين المدلولين ففي مقام الدلالة يحصل تناف بينهما ، والتّنافي بينهما أيضا يكون باعتبار التنافي بين مدلوليهما ، وإلّا فكيف تكون الدلالة بين الدليلين؟ ومن هنا يظهر لك أنّ كلام الشيخ رحمهالله لو لم يكن تامّا وكان في موارد الجمع العرفي التنافي بين المدلولين ففي مقام الدلالة ومقام الإثبات أيضا يكون بينهما التنافي ، فلا يمكن التفكيك بينهما ، فكلام المحقّق الخراساني رحمهالله لا يدفع الإشكال لو كان هناك إشكال في البين ، ولكن قلنا بعدم إشكال أصلا في كلام الشيخ رحمهالله وفي تعريفه.
فاذا عرفت تعريف التعارض فاعلم : أنّ مورد التعارض بين الخبرين هو فيما يكون لكلّ منهما مقتضى الحجية ولا يكون لهما القصور من حيث المقتضي ، بل محلّ التعارض بعد تمامية مقتضى الحجية في كلّ من الدليلين وفيما لا يكون مانع من العمل بكلّ من الخبرين إلّا الخبر المعارض ، وإلّا لو لم يكن الخبر الآخر مانعا فلا مانع من العمل بالآخر ، فعلى هذا ليس من موارد التعارض اشتباه الحجة بلا حجة ؛ لأنّ في أحدهما ليس مقتضى الحجية.
وما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله من انّه فيما لو علم إجمالا بكذب أحدهما يكون من موارد التعارض ليس في محلّه ، لأن مع العلم بكذب أحدهما يعلم بعدم مقتضى الحجية في أحدهما ، وبعد عدم مقتضى الحجية في أحدهما فلا يكون من موارد التعارض ، لأنّ مورد التعارض هو في صورة كون المقتضي لكلّ من الخبرين في حدّ ذاتهما ، فليس هذا المورد من التعارض.
ثمّ اعلم : أنّه كما قلنا في موارد الجمع العرفي وكلّ مورد يمكن الوفق بين الدليلين فيخرج عن مورد التعارض ، فاذا كان لسان دليل واردا على الآخر ، يعني يكون نسبة أحد الدليلين بالآخر الورود أو الحكومة بكلا معنييه فيقدّم دليل الوارد