وبعد الوقت يشكّ بأنّ الفائتة هل تكون صلاتين أو ثلاث صلوات؟ فالفرق بين هذه الصورة والصورة السابقة هو : أنّه في الصورة السابقة بعد الوقت لا يدري بأنّه لو فات منه ثلاث صلوات كان عالما بالتكليف ففات منه ، وأمّا في هذه الصورة فيدري بأنّه على تقدير الفوت يكون مع العلم بالتكليف ، فعلى هذا يكون مقتضى القاعدة في الصورة الاولى البراءة ، لأنّه شاكّ في التكليف ، ولا يكون كالصورة الثانية.
وأمّا في الصورة الثانية فيكون مقتضى القاعدة هو الاشتغال ؛ لأنّه يعلم بالتكليف ويكون الشكّ في المسقط للتكليف ، ويكون الشكّ راجعا الى مقام الامتثال وليس مجال لجريان البراءة في هذا المقام ؛ لأنّ مورد البراءة هو عدم العلم بالتكليف ، وفي الصورة الثانية يدري بأنّه على تقدير الفوت كان عالما بالتكليف فلو فات منه يكون عن علم ، لا عن جهل حتى تجري البراءة.
فظهر لك الفرق بين الصورتين بما قلنا ؛ لأنّ في الصورة الاولى على تقدير الفوت يكون عن جهل ، وفي الصورة الثانية على تقدير الفوت يكون عن علم ، فالاولى مورد قاعدة البراءة ، والثانية مورد قاعدة الاشتغال ، وكان نظر الوحيد البهبهاني رحمهالله الى أنّ مورد فتوى المشهور هو الصورة الثانية وتكون فتواهم على القاعدة ، نعم ، لو كان مورد فتواهم هو الصورة الاولى فتكون فتواهم على خلاف القاعدة.
وبعض الأعلام صار بصدد توجيه كلام الوحيد المتقدم رحمهالله وقال : إنّ مراده هو : أنّ جريان البراءة في هذا الفرض يكون من قبيل التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقية ، وقد تحقّق في محلّه عدم الرجوع الى العام في شبهته المصداقية.
بيان كون التمسّك في المقام بالبراءة من قبيل التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقية هو : أنّه على تقدير حصول العلم وعدم الإتيان ليس مورد البراءة ، ففي هذا الحال كان شاكّا في أنّه هل حصل له العلم بالتكليف في الأقلّ أو الأكثر؟ مثلا لا يدري بأنّ ما علم ثبوت التكليف به وفات عنه هو صلاتان أو ثلاث صلوات ،