لكن لا يخفى أنّ ما قاله المحقّق المذكور في باب خبر الواحد من أنّه حيث يكون البحث عن حجية الخبر راجعا الى أنّه يمكن الإطاعة به ، أو تقع المعصية بمخالفته فيكون من كيفيات الإطاعة والمعصية ، وهي راجعة الى العقل خلاف ما قاله في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري : من أنّ الحجية التي تكون في الأمارة هي من الأحكام الوضعية ؛ ولو كانت كذلك فيرجع أمرها الى الشارع الى الشارع ، ولكن يمكن الجمع بين كلاميه بما قال ولو كان مخالفا لمبناه من أنّ الحجية من الأحكام الوضعية.
فقد ظهر لك ممّا قلنا في هذا المقام قاعدة كلّية وهو أنّه في كلّ مورد يكون أمره راجعا الى العرف أو العقلاء أو أهل اللسان حيث يكون الشارع تابعا لهم يكفي فيه عدم ثبوت الردع من الشارع في جواز الأخذ به ، كاستعمال الألفاظ الراجع أمرها الى أهل اللسان ، أو باب الإطاعة والمعصية الراجع أمرهما الى العقل ، فلو كان للشارع هنا حكم لا يكون إلّا من باب عقلائيته ، ولذا يكون حكمه إرشاديا ، وأمّا في الأحكام ـ أعني في كل المجعولات ـ فحيث أمرها راجع الى جاعله ففي مجعولات الشارع لا يكفي عدم الردع ، بل لا بدّ من ثبوت الإمضاء ، غاية الأمر في المعاملات قلنا : إنّه من الإطلاقات نكشف أنّه لو كان المعتبر عنده هو المعتبر عند العرف فهو امضاء لما عند العرف معاملة ، ولو قلنا بأنّه ولو لم يكن المعتبر عنده ما هو معتبر عند العرف إلّا أنّه بعد عدم تعيين موضوعه لا بدّ من الرجوع الى العرف لأجل أنه بعد عدم تعيين موضوع حكمه ، وحيث إنّه لا يعلم العرف من إطلاقاته إلّا ما هو المعتبر عندهم ولا يمكن إهمال إطلاقاته فلا بدّ من الرجوع في موضوع اعتباره الى العرف نظير الإطلاق المقامي.
فالمقام يكون بحيث لا بدّ من الالتزام بأنّ في موضوع اعتبار الشارع يلزم الرجوع الى العرف ، وهذا غير ما نقول بأنّه يكفي في المعاملات عدم الردع ، بل لا بدّ