وحدة بين الموضوعين ، كما يكون كذلك في الأمر الانتزاعي ومنشأ انتزاعه ، وأمّا فيما ليس بين الموضوعين نحو وحدة فلا يمكن سراية الحكم من أحدهما الى الآخر ، ففي المقام حيث يكون القصد من الأمور القلبية والفعل من الامور الخارجية فلا يمكن سراية حكم الأمر القلبي إلى الفعل الخارجي.
وإن كان التجري الذي يسري قبحه الى الفعل هو التجري الذي ينتزع من الفعل الخارجي فهو وإن كان على هذا يمكن سرايته اليه لكونه منشأ انتزاع هذا التجري ولكنّ هذا موقوف أولا على كون العقاب على هذا النحو من التجري وكونه حراما حتى يسري الى الفعل ، وقلنا بعدم عقاب عليه ، ومع قطع النظر عن ذلك يلزم اجتماع المثلين ، ولا يكون في طول الحكم الواقعي بنظره.
الوجه الثالث من الوجوه الّتي قيلت بكون الفعل المتجرّى به لأجله حراما ـ ولعلّه يكون الى هذا نظر الشّيخ رحمهالله هو الالتزام بكونه حراما بحرمة ظاهرية لا بحرمة واقعية ـ بأن يقال بعد حكم الشرع بوجوب اتّباع القطع فيجب العمل بهذا الحكم ، فالواقع حكمه محفوظ ، ويكون في البين حكم آخر وهو الحكم الظاهري على وجوب اتباع القطع ، ومعنى وجوب اتباعه شرعا هو العمل بمؤدّاه ، فلو قطع بوجوب شيء يجب العمل به ، فلو خالف فعل حراما ، فلو شرب الخمر المقطوع حرمته ولو لم يكن خمرا واقعا فعل حراما ، لكون مؤدّى القطع على هذا حكما ظاهريا وهو الحرمة ، فإن كان حرمة الفعل المتجرّى به لأجل حرمته الظاهرية فلا يرد بعض ما أورد على الوجهين المتقدمين ، لأنّ كلها كان على تقدير كون الفعل حراما واقعيا ، وإلّا فالحرمة الظاهرية لا مانع منها كما نقول في الظنّ ، ومن بعض الأمثلة الّتي ذكرها الشيخ رحمهالله يظهر أنّ مراده هذا كما في مثاله بسلوك طريق مظنون الضرر.
ولكن هذا أيضا غير تمام ، حيث إنّ القطع ليس كالظنّ من مجعولات الشارع ، وليس للشارع حكم بوجوب اتّباعه ، بل على ما قلنا ليس حكما عقليا أيضا على