يمكن ـ كما قلنا ـ الأخذ بكلّ منهما بخصوصها ؛ للزوم الترجيح بلا مرجح ، ففي كل حيث يكون العمل بكلّ منهما منافيا لهذا العلم تسقطان عن الحجية ، وأمّا في جهات اخرى غير حيث المتعلق به العلم فلا مانع من الأخذ بكلّ منهما ، وحيث الذي يكون العلم مانعا ليس إلّا الجمع بينهما فلا يجمع بينهما ، ولكن في حيث آخر وهو الأخذ بلازميهما فلا مانع منه ، فللأمارة حيث وهو الأخذ بملزومه المطابقي ، وحيث وهو الأخذ بمدلوله الالتزامي ، فلو فرض وجود المانع من الأخذ بأحد الحيثين فلا مانع من الأخذ بحيث آخر.
ففي المقام حيث الأخذ بلزوم الأمارتين وهو الوجوب أو الحرمة غير ممكن لعلم الذي يكون في البين ، وأمّا حيث آخر وهو لازمهما معين عدم وجوب كون مؤداها مباحا فلم يكن منه مانع فنأخذ به ، فكلّ من الأمارتين بمدلولهما الأثر أي ينفي الثالث.
وبما قلنا يظهر لك فساد كلام المحقّق الخراساني رحمهالله من أنّه بعد عدم إمكان الأخذ بالملزوم لأجل العلم ، فكيف يمكن الأخذ بحيث اللازم؟ لأنّ الأمارة ولو كانت لوازمها حجة أيضا كملزوماتها إلّا أن شمول دليل اعتبارها باللازم يتولّد من شمول دليل اعتبارها للملزوم ، فبعد عدم حجيتها بالنسبة الى الملزوم لا يبقى مجال لشمول دليل حجّيتها للّازم.
وأورد عليه النائيني رحمهالله : بأنّ شمول صدق العادل للملزوم واللازم في عرض واحد ، وليس شموله للّازم في طول الملزوم ومتولّدا منه حتى يرد هذا الإشكال.
ولكنّ كلام كلّ منهما في هذا المقام خلاف مشيهم في كيفية شمول دليل الأمارة للملزوم واللازم ، فإنّ الأول قال بشمول دليل الاعتبار للملزوم واللازم ، عرضا ، فإشكاله على خلاف مبناه ، والثاني قال بشمول دليل الاعتبار للّوازم في طول الملزوم ، ولكنّ بعد كون الحقّ هو انحلال صدق العادل بعدد اللوازم والملزوم عرضا لا يبقى لهذا الإشكال الذي أورده المحقّق الخراساني رحمهالله مجال ، فظهر لك أنّ على