فقال المحقّق الخراساني رحمهالله إجمالا : بأنّ الرجوع في صدق «لا تنقض اليقين بالشك» وبعبارة اخرى في صدق النقض وعدمه يكون الى العرف ، فكلامه مجمل ومختصر ، ولعلّنا نتعرّض لكلامه بعد ذلك.
ثمّ إنّه لا إشكال في أنّ المرجع ـ كما قلنا سابقا ـ في تعيين المفاهيم هو العرف ، ومن الواضح أنّه بعد تبيّن المفهوم يكون صدقه على مورد وعدم صدقه وكذلك تعيين مصداقه بنظر العقل ، وهذا وظيفته ، لأنّ العقل بعد ما يرى بأنّ ما كان جنسا وفصلا للمفهوم موجود في هذا الفرد فيحكم بصدق المفهوم عليه ، وكونه مصداقا له فالمرجع في الصدق وعدمه هو العقل.
نعم ، تارة يكون المفهوم غير مبيّن فالعقل بعد ما يرى أنّ العرف يطلقون على هذا المصداق ويحسبونه فردا له فيكشف أنّ المفهوم أوسع ، وتكون دائرته موسّعة بحيث لو كان هذا فردا له ويصدق عليه فمرجع العرف فيه في المفهوم لا المصداق ، بل العقل يحكم بمصداقيته وعدمها ، لكن طريقه هو ما يرى من حكم العرف بأنّ المفهوم يكون بحيث الذي يشمل عليه فالعقل أيضا ، ولو لم يبيّن المفهوم ولكن يرى أنّ الجنس والفصل الموجودين في المفهوم موجودان في المصداق فيحكم بالصدق ، وهذا واضح.
كما أنّه من الواضح أنّ في الألفاظ المركّبة بعد تعيين معنى مفرداتها وفهم القرائن من العرف فلم يكن العرف في ما يستفاد من ألفاظها المركبة مرجعا.
فعلى هذا ما قاله النائيني رحمهالله في هذا المقام بأنّ الرجوع الى العرف في موضوع الاستصحاب لم يكن لا الى تعيين المفهوم ، ولا من باب مسامحاتهم ، بل الرجوع اليهم يكون في الصدق وعدمه ليس في محلّه ؛ لما بيّنا من أنّ المرجع في هذا أيضا هو العقل.
ثمّ لمّا رأى بأنّ هذا الكلام غير تامّ قال بأنّ المرجع يكون العرف في تمام الجمل والمركبات ...