وأمّا استصحاب المختار فهو معارض مع استصحاب التخيير الحاكم عليه.
وأمّا استصحاب التخيير فلا وجه له ؛ لأنّ العقل لا يكون في حكمه ترديد حتى نستصحب حكمه.
وتارة يقال بعدم الاستلزام بالتخيير الاستمراري ؛ للزوم المخالفة القطعية. ولا يخفى عليك أنّ هذا موقوف على نزاع آخر ، وهو : أنّه هل تكون المخالفة التدريجية مخالفة للعلم ، أو لا؟ فإن قلنا بكون المخالفة التدريجية مخالفة عمليّة للعلم فلا بدّ من الالتزام بكون التخيير بدويا ، وإن قلنا بأنّ المخالفة التدريجية ليست مخالفة للعلم فلا بأس من الالتزام بكون التخيير استمراريا.
والشيخ رحمهالله فيما نحن فيه قال بالتخيير الاستمراري ، وقال بأنّ المورد يكون مثل تبدّل رأي المجتهد.
ولكن اعلم : أنّ ما قاله في المقام خلاف ما التزم به في باب القطع ، حيث قال في باب القطع : إنّ المخالفة التدريجية لو كانت مستندة الى قاعدة ظاهرية فلا بأس بالالتزام بها ، ولا يكون مخالفة للعلم ، وأمّا لو لم تكن المخالفة مستندة الى قاعدة من القواعد الظاهرية فيكون مخالفة للعلم ولم يكن جائزا ، ولا إشكال بأنّ تبدّل رأي المجتهد يكون ممّا كان مستندا الى القواعد الظاهرية ، ولذا لم يكن بأس به.
وأمّا فيما نحن فيه فبعد فرض كون عدم الحكم بالإباحة ، بل يكون التخيير التكويني فتكون المخالفة التدريجية مخالفة للعلم ولم يكن جائزا ، فلا بد من الالتزام بالتخيير البدوي. وممّا اخترناه في هذه المسألة من أنّ العلم ينجّز ولو كان في مقام امتثال التخيير التكويني تظهر لك امور ثلاثة :
الأول : أنّه لا تجري الاصول.
الثاني : أنّه لو كان الدوران أزيد من زمان واحد لو قلنا بعدم جواز المخالفة التدريجية في العلم فتكون نتيجة العلم وتنجزه هي : أنّه لا يمكن القول بالتخيير