كيفية الإطاعة فهو يحكم بالتخيير مع قصد التقرب ، فعلى هذا لو كان الوجوب أو الحرمة كلاهما أو أحدهما تعبديا يكون راجعا الى مقام الامتثال وقد فرغ من مقام الثبوت ، وإن كان في النتيجة مثل ما لو كانا توصليّين فإنّ في كلّ منهما نحكم بالتخيير ، إلّا أنّ بينهما الفرق في ما كان محلّ الخلاف المتقدم ، وإذا كانا تعبديّين أو أحدهما تعبديا فيكونان من قبيل المتزاحمين ، فإنّه لا يمكن الجمع بينهما في مقام العمل مع كون الملاك في كلّ من الوجوب والحرمة ، ومقتضى القاعدة في المتزاحمين أيضا لو لم يكن أحدهما اهمّ هو التخيير ، لكن مع ذلك كان كلام الشيخ رحمهالله في محلّه ، لما قلنا لك ، فافهم.
ثمّ اعلم أنّه على كلّ من القولين ـ أعني ما قلنا وما قال الشيخ والنائيني رحمهماالله لا يكون التخيير في المقام تخييرا عقليا ، لأنّ مورد التخيير العقلي هو فيما لو كان الحاكم بالتخيير هو العقل ، وفي المقام يكون التخيير تكوينا بين الوجود والعدم ، ولا يكون تخييره تخييرا شرعيّا ؛ لأنّه ليس التخيير بحكم الشرع ، فعلى هذا نعم ما قيل بأنّ التخيير في المقام يكون تخييرا تكوينيا. نعم ، لو كان الدوران لا في زمان واحد بل في أزمنة ، سواء قلنا بالتخيير الاستمراري أو البدوي يكون التخيير بحكم العقل ، فتدبّر.
ثمّ إنّه هل يكون التخيير إذا كان الدوران في أزمنة تخييرا بدويا؟ بمعنى أنّه اذا أخذ بأحد طرفي الوجود والعدم فلا بدّ من أن يكون دائما على هذا البناء والأخذ ، أو يكون التخيير استمراريا ، بمعنى أنّه في كلّ زمان له الخيار بين الفعل والترك؟
فبعض قال بالأول لأجل الاحتياط ، وبعض قال باستصحاب حكم المختار ، وبعض قال بالثاني لأجل استصحاب التخيير ، ولا وجه لهذه الأقوال الثلاثة.
أمّا الاحتياط فلأنّ بعد الحكم بالتخيير ليس هناك احتمال حتى يلتزم بالاحتياط.