وأمّا الاستصحاب فهو أيضا جار لو التزمنا بعدم تنجّز العلم ، كما التزم به هذا الشخص ، لأنّه على تقدير عدم تنجّز العلم يكون وجود العلم كعدمه ، فلا مانع من جريان الاستصحاب ، فالعجب من أنّه مع التزامه بعدم تنجّز العلم قال بعدم جريان الاستصحاب!
فظهر لك ممّا قلنا فساد كلام هذا الشخص ، أعني النائيني رحمهالله ، والحق أنّ العلم منجّز ، ولا مانع من تنجيزه كما بيّنّا لك.
وأمّا كلام الشيخ رحمهالله حيث قال بعدم تنجّز العلم ؛ لعدم أثر على وجوده وعدمه ، ويظهر هذا الكلام منه في غير مورد ، ومن المحقّق الخراساني رحمهالله أيضا فنقول : إنّ كلام الشيخ رحمهالله على مبناه في باب القطع بأنّ للعقل حكم باتّباع القطع ولا إشكال بأنّ مراده الحكم باتّباعه العملي فيكون في محلّه ، لأنّ فيما نحن فيه حيث يكون المكلف به أمره تكوينا دائرا بين الوجود والعدم فلا حكم للعقل أصلا ، فلا يكون حكمه باتّباع القطع عملا في المورد.
ولكن على مذهبنا من أنّ القطع ليس وظيفته إلّا إراءة الواقع ، واذا كان وظيفته الإراءة فاذا أراه الواقع انطبق عليه كبرى الواقع قهرا ، وليس للعقل حكم آخر باتّباع القطع ، بل بمجرّد القطع انكشف الواقع ، واذا انكشف الواقع انطبق كبرى الواقع على الصغرى المقطوع ، فليس هذا الكلام في محلّه ؛ لأنّه بعد القطع بحكم إلزام الشارع فالكبرى الواقعيّة وهي وجوب الإطاعة تنطبق عليه ، فعلى هذا يصير العلم منجّزا وكان له الأثر ، لأنّه يلزم الإطاعة وهو قادر عليها ؛ لأنّ المعلوم يكون واحدا من الوجوب والحرمة ، لا كليهما ، وهو قادر عليه ، فيصير التكليف منجّزا ، وبعد ثبوت التكليف في بعض الموارد لا يمكن الامتثال لأجل مشوبيّة المعلوم بالمشكوك ، وهذا لا يضرّ في تنجيزه العلم كما قلنا ، وكان له الأثر وهو عدم جريان الاصول وغيره من بعض الآثار في بعض الموارد ، كما أشرنا اليه.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ منشأ الإشكال في المقام يكون في مقام الثبوت ، وأنّ