يكن لأيّ من الوجوب والحرمة المشكوكة أهميّة يكون التخيير حاصلا تكوينا ، ولم يكن للعقل حكم ، وللغوية حكمه صار سببا لأن يقال بعدم تنجيز العلم أصلا.
ولكن قلنا بأنّه لا بدّ من التفكيك في أصل الإطاعة وبين كيفية الإطاعة ، فإنّه في المقام الأول لا فرق بين العلم الإجمالي والتفصيلي ، وبصرف العلم تحصل الإراءة ، واذا انكشف الواقع يكون الواقع منجّزا ، وقلنا بأنّه لا إجمال في العلم ، بل في العلم الإجمالي أيضا يكون المعلوم بيّنا ، مثلا فيما نحن فيه ما تعلّق به العلم هو أنّ للشارع حكم في المورد ، وهذا يكفي في كون المعلوم مبيّنا ، فعلى هذا يكون الواقع بمجرّد قيام العلم منجّزا ، ومن الواضح أنّه قادر على إتيان المعلوم ، لأنّ المعلوم إمّا الوجوب أو الحرمة ، فهو قادر على إتيان الواقع ويكون عليه منجزا ، غاية الأمر بعد ما صار التكليف منجّزا لا يكون في بعض المواقع حكم للعقل في كيفية الإطاعة ، ومجرد عدم ذلك لا يكفي القول بعدم تنجّز العلم ، لعدم أثر له ، لأنّه يكفي في أثره عدم جريان الاصول في أطرافه ، مع أنّ في بعض موارده يكون له بعض الآثار الاخرى كما أشرنا اليه.
فظهر لك فساد ما توهّم من عدم تنجّز العلم فيما نحن فيه ، فعلى هذا يكون العلم منجّزا ، وبعد تنجّزه يكون أمره كأمر العلم في الشبهة المحصورة ، فكلما قلنا في الشبهة المحصورة بلزوم الموافقة القطعية أو حرمة المخالفة القطعية يجري فيما نحن فيه أيضا ، إلّا أنّ الفرق بين ما نحن فيه وبين الشبهة المحصورة يكون في الشبهة المحصورة للشارع الحكم بكيفية الإطاعة مطلقا ، ولا يمكن ذلك بقول مطلق فيما نحن ، بل في موردها كان الدوران بين وجوب الشيء وحرمته في زمان واحد ولم يكن لأحدهما أهميّة لا يكون العقل حاكما بالتخيير ؛ لأنّ التخيير ثابت تكوينا ، فافهم.
ثمّ إنّه قال هذا المتوهّم بعد ذلك : إنّه بعد عدم تنجّز العلم الإجمالي بأنّه لا تجري أصالة التخيير فيما نحن فيه ، لأنّه ليس له أثر ، لأنّ التخيير كان ثابتا مع قطع النظر عن الأصل تكوينا ، وهذا صحيح ، وقال : لا تجري أصالة الإباحة ، لأنّ من