الوارد في الحديث للشبهة الموضوعية فمسلّم ، لظاهر قوله : «وما لا يعلمون» ؛ لأنّ ظاهره هو الفعل الخارجي الذي لا يعلم حكمه ، مثلا اذا لم يعلم بأنّ هذا الشيء خمر حتى يكون شربه حراما ، أو خلّ حتى يكون شربه حلالا ، وأمّا شموله للشبهة الحكمية فمحلّ إشكال :
أمّا أولا فلأنّ ظهور الموصول يكون هو الفعل ، فما لا يعلمون أعني الفعل الذي لا يعلم ، فالمراد ب «ما لا يعلمون» ظاهره هو فعل المكلف الذي لا يعلم ، كفعل الذي لا يعلم أنّه شرب خمرا أو شرب خلّا.
وثانيا : أنّ وحدة السياق أيضا شاهد على ذلك ، لأنه بعد ما كان المراد في «ما اضطرّوا اليه ، أو ما استكرهوا عليه» أو غيرهما هو الفعل الذي استكره به مثلا ، ويكون المراد بها الفعل مسلّما ، فيكون في «ما لا يعلمون» المراد ذلك أيضا لوحدة السياق.
وثالثا : أنّه لو كان التقدير هو المؤاخذة ويكون المرفوع هو المؤاخذة فالمؤاخذة في الشبهة الموضوعية تكون على الفعل ، وأمّا في الشبهة الحكمية فلا يمكن شمول الحديث لها ؛ لأنّ ظهور الرواية هو إسناد الرفع الى نفس هذه التسعة ، فعلى هذا يكون التقدير هو رفع المؤاخذة عمّا لا يعلم ، وما يكون المؤاخذة عليه هو الفعل الخارجي ، فما يكون قابلا للرفع هو المؤاخذة على الفعل الخارجي ، وهو لا يكون إلّا في الشبهة الموضوعية ، ولا يشمل الحديث الشبهة الحكمية ؛ لعدم كون المؤاخذة على الحرام أو الوجوب حتى ترتفع ، فالمؤاخذة في الشبهة الحكمية غير مرفوعة بالحديث ؛ لأنّ ما لا يعلم في الشبهة الحكمية يكون هو الوجوب أو الحرمة ، وهما غير قابلين للمؤاخذة حتى ترتفع مؤاخذتهما ، فعلى هذا لا يمكن استفادة الرفع للشبهة الحكمية التي هي أهم مقصود.
وقد أجاب عن الإشكال وبيّن بعض بيانات لشمول الحديث للشبهة الحكمية ،