وجه الاستدلال هو : أنّه تعالى وصف نبيه ـ صلوات الله وسلامه عليه وآله بأنّه ـ يؤمن بالمؤمنين ، والإيمان هو التصديق ، فيصدّق قول المؤمنين.
وفيه : أنّ الآية وردت في رجل نمّام فأخبر الله تعالى نبيّه بنميمته ، فأنكر الرجل بأنّي لم أفعل ذلك ، فصدّقه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا الفعل من خصاله الشريفة بأنّه مع علمه بكونه نمّاما لم يظهر ولم يصرّ على ذلك ، بل قبل إنكاره ظاهرا ، كما ترى أنّ ذلك موقوف عليه نظام المعيشة ، فيرى الرجل من الناس مخالفات ولم يظهر على وجهه. وبعبارة فارسية (روى خودش نمى آورد) ، فالنبي مع علمه بكذب هذا صدّقه ظاهرا ، فعلى هذا لم يكن مفيدا لما نحن فيه ، إذ النبي لم يصدّق النمام واقعا ، ولم يرتّب على قوله أثر ، وكيف يصدّق النّمام والحال أنّ الله تعالى أخبره بنميمته؟
والعجب ممّن تمسّك بهذه الآية لحجية الخبر وغفل عن أنّه لو صدّق النبي النّمام لكان تصديقه له تكذيبا لله تعالى! وكيف يمكن ذلك؟
بل المراد هو ما قلنا ، أو أن يكون المراد ما ورد في بعض الروايات من أنّه لو شهد عندك خمسون قسامة فصدّقه وكذّبهم ، والحال أنّه لا يمكن ردّ خمسين قسامة ، فليكن المراد أنّه لا يترتّب عليه أثر ، فتصديق الشخص يكون فيما لا يكون مضرّا بالآخرين وكيف يمكن التمسّك بحجية الخبر بذلك مع أنّ في قول المخبر يتّفق كثيرا ما الإضرار بالغير؟
ويمكن أن يكون المراد أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان سريع القطع ، وهذا أيضا لم يكن مفيدا لما نحن فيه ، إذ في مورد القطع لا كلام في حجية الخبر ، ولا يكون قبول قوله من باب حجية قوله ، بل يكون من باب القطع ، فلا يمكن الاستدلال بهذه الآية لحجية قول الثقة.
وأمّا الأخبار التي تمسّكوا بها على حجية قول الثقة فكثيرة لعلّها تبلغ حدّ التواتر ، وهذه الأخبار تصلح بكونها يكون إمضاء لسيرة العقلاء.