ولا إشكال في أنّ سيرة العقلاء تكون على اتّباع خبر الواحد وحجّيته في تمام أفعالهم ، وهذه السيرة ممّا لا يبعد أن تكون من زمن آدم ـ على نبينا وآله وعليهالسلام ـ الى زماننا هذا ، وإنّنا وإن لم نكن محتاجين في هذا المقام الى إمضاء الشارع ولكن يكفي عدم ردعه عن هذه السيرة.
وتمسّكوا لحجية خبر الواحد أيضا بالإجماع : تارة بإجماع العلماء على حجية الخبر ، فإن كان كاشفا عن قول المعصوم أو عن دليل معتبر فهو ، وإلّا لم يكن دليلا. وتارة يتمسّكون بإجماع علمي ، وأنّ العلماء بل كلّ المسلمين من الصدر الأول الى الحال يعملون بخبر الواحد ، وهذا أيضا ممّا لا إشكال فيه ، ولكن لو ثبت أنّ سيرة المسلمين على حجية خبر الواحد تكون من باب أنّهم متديّنين بذلك الدين فهو لا يحتاج الى إمضاء هذه السيرة ، لأنّه يكشف عن أنّ هذا يكون طريقة الشارع ، وإلّا كيف يمكن أن تكون سيرة المسلمين على ذلك؟
ولكنّ الإنصاف : أنّ هذا غير ثابت ، بل تكون سيرتهم على ذلك من باب عقلائيتهم ، فعلى هذا تكون هذه السيرة هي سيرة العقلاء ، ولا إشكال في أنّ العقلاء قد كانت سيرتهم على العمل بالخبر والشارع أيضا لم يردع عن هذه السيرة فتكون هذه السيرة حجة ، بل كما قلنا في ضمن بعض الآيات المتمسك بها على حجية الخبر قد أمضى الشارع هذه السيرة.
وللمحقّق الخراساني رحمهالله هنا كلام يقع مورد إشكال لما توهّمه من منافاته مع ما قاله في الاستصحاب.
أمّا كلامه هنا فقال : إنّه (إن قلت بأنه يكفي في الردع عن السيرة الآيات الناهية عن اتّباع غير العلم. قلت : لا يمكن ذلك ؛ للزوم الدور.
وإن قلت : إنّ حجية خبر الثقة بالسيرة أيضا مستلزم للدور. قلت : إنّما يكفي في حجية خبر الثقة بالسيرة عدم ثبوت الردع عن السيرة ... الى آخره).