شركة العنان ، وهي شركة الصّحيحة ، وهي أن يخرج كلّ من المشتركين مالا ويمزجاه مزجا يرتفع معه التميّز ، سمّيت بذلك لتساويهما في التصرّف كالفارسين إذا تساويا في السير ، فإنّ عنانيهما يكونان سواء.
وقال الفراء : هي مأخوذة من «عنّ الشيء» : إذا عرض ، يقال عنت لي حاجة : إذا عرضت وسمّيت بذلك ، لأنّ كلّ واحد عنّ له شركة صاحبه ، وقيل :
من المعاننة (١) يقال : عاننت فلانا : إذا عارضته بمثل ماله وفعاله ، وكلّ من الشريكين عارض صاحبه بمثل ماله وفعاله (٢).
وشركة المفاوضة : وهي أن يكون مالهما من كلّ شيء يملكانه بينهما ، وهي باطلة ، سواء كانا مسلمين أو لا ، وسواء كان مالهما في الشركة ، أو لا ، وسواء أخرجا جميع ما يملكانه من جنس مال الشركة ، وهو الدراهم والدنانير ، أو لا.
وشركة الأبدان : وهي أن يشترك الصانعان فيما يحصل به من كسب عملهما ، وهي باطلة عندنا ، سواء كانت في الاحتطاب والاحتشاش والاغتنام ، أو في غيرها وسواء اتفقت الصنعتان ، أو اختلفتا ، بل يأخذ كلّ من الصانعين أجرة عمله بانفراده ، ولو لم يتميّز العمل بأن يستأجرهما لخياطة الثوب ، فيفعل كلّ منهما فيه شيئا غير معلوم اصطلحا في الأجرة.
__________________
(١) قال الشيخ في المبسوط : ٢ / ٣٤٧ : وهذا أصلح ما قيل فيه.
(٢) قال في الحدائق : ٢١ / ١٦١ في بيان وجه التسمية أيضا ما هذا نصّه :
فقيل : من عنان الدابّة ، إمّا لاستواء الشريكين في ولاية الفسخ والتصرف واستحقاق الربح على قدر رأس المال كاستواء طرفي العنان ... وإمّا لأنّ لكلّ واحد منهما أن يمنع الآخر من التصرف كما يشتهي ويريد ، كما يمنع العنان الدابّة ... وقيل : من «عنّ» إذا ظهر ، إمّا لأنّه ظهر لكلّ واحد منهما مال صاحبه ، أو لأنّها أظهر أنواع الشركة ، ولهذا أجمع على صحّتها ، وقيل : من «العانة» وهي المعارضة ، لأنّ كل واحد منهما عارض بما أخرجه الآخر.