قَالَ : « إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوِيِّ الْمُطَاعِ ، الْعَالِمِ بِالْمَعْرُوفِ مِنَ الْمُنْكَرِ ، لَاعَلَى الضَّعِيفِ الَّذِي لَايَهْتَدِي (١) سَبِيلاً إِلى أَيٍّ مِنْ أَيٍّ يَقُولُ : مِنَ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ (٢) ؛ وَالدَّلِيلُ عَلى ذلِكَ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَوْلُهُ (٣) : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) (٤) فَهذَا خَاصٌّ غَيْرُ عَامٍّ ، كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ) (٥) وَلَمْ يَقُلْ (٦) : عَلى أُمَّةِ مُوسى ، وَلَا عَلى كُلِّ قَوْمِهِ (٧) ، وَهُمْ يَوْمَئِذٍ أُمَمٌ مُخْتَلِفَةٌ ، وَالْأُمَّةُ وَاحِدَةٌ (٨) فَصَاعِداً ، كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ ) (٩) يَقُولُ : مُطِيعاً لِلّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ وَلَيْسَ عَلى (١٠) مَنْ يَعْلَمُ (١١) ذلِكَ فِي هذِهِ (١٢) الْهُدْنَةِ (١٣) مِنْ
__________________
(١) في « بث ، بف » والوافي والتهذيب : « الضعفة الذين لا يهتدون ».
(٢) في الوافي : « يقول : من الحقّ إلى الباطل ، كأنّه من كلام الراوي ، ومعناه أنّهم يدعون الناس من الحقّ إلى الباطل ؛ لعدم اهتدائهم سبيلاً إليهما ، والأظهر إلى الحقّ من الباطل ؛ ليكون متعلّقاً بـ « سبيلاً » ، فيكون داخلاً تحت النفي ، ولعلّ الراوي ذكر حاصل المعنى ». وفي المرآة : « يحتمل أن يكون « يقول » كلام الإمام عليهالسلام بمعنى يدعو ، أو مضمّناً معناه ، أي يدعو هذا الضعيف الناس من الحقّ إلى الباطل بحيث لا يعلم. والأظهر أنّه كلام الراوي ، فكان الأظهر : إلى الحقّ من باطل ، ولعلّه لبيان حاصل المعنى ، أي من لا يهتدي سبيلاً إلى الحقّ والباطل ، يمكن أن يهدى من الحقّ إلى الباطل ».
(٣) في « ى » : ـ « قوله ». وفي الوافي والتهذيب : « قول الله ».
(٤) آل عمران (٣) : ١٠٤.
(٥) الأعراف (٧) : ١٥٩.
(٦) في المرآة : « قوله عليهالسلام : ولم يقل ، كان على امّة موسى أو على كلّ قوم موسى أن يهدوا بالحقّ ، أو ما يفيد مفادَه ، بل قال ما يفيد اختصاصه ببعض الامّة ، ويدلّ على أنّ المراد بالآية اختصاص بعض امّة موسى باستيهال هذا الأمر ، لا اختصاصهم بالعمل ، به كما هو المتبادر ».
(٧) في « ى » : ـ « ولا على كلّ قومه ». وفي التهذيب : « قوم » بدل « قومه ».
(٨) في « ى ، بث ، بح ، بس ، بف ، جد ، جن » والوسائل والتهذيب : « واحد ».
(٩) النحل (١٦) : ١٢٠.
(١٠) في الوافي : ـ « على ».
(١١) في « ى » : « لم يعلم ».
(١٢) في التهذيب : ـ « هذه ».
(١٣) « الهُدْنَةُ » : السكون. والهُدْنَةُ : الصلح والموادعة بين المسلمين والكفّار وبين كلّ متحاربين ، اسم من هادنه مهادنة : صالحه. النهاية ، ج ٥ ، عن ٢٥٢ ( هدن ). وفي المرآة : « قوله عليهالسلام : في هذه الهدنة ، أي المصالحة والمسالمة ، ظاهره اختصاص الأمر بالمعروف بالإمام ، كما هو ظاهر سياق الخبر ، ويمكن أن يحمل على أنّ عمومه وكماله مخصوص به ».