مُؤْمِنٌ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ، وَأَعْتَقَهُ مِنَ النَّارِ ، وَذلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ ) (١)
وَمِنْهُمْ مَنْ (٢) غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَقِيلَ لَهُ : أَحْسِنْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِكَ ، وَذلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) (٣) يَعْنِي مَنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ( وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (٤) لِمَنِ اتَّقى ) (٥) الْكَبَائِرَ. وَأَمَّا الْعَامَّةُ ، فَيَقُولُونَ : ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) يَعْنِي فِي النَّفْرِ الْأَوَّلِ (٦) ( وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) يَعْنِي لِمَنِ اتَّقَى الصَّيْدَ (٧) ، أَفَتَرى أَنَّ الصَّيْدَ يُحَرِّمُهُ اللهُ بَعْدَ
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٠١ ـ ٢٠٢.
(٢) في تفسير القمّي : « ومؤمن ».
(٣) في « بس » : ـ ( وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ).
(٤) في « بخ » : ـ ( وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ). وفي « ى » وتفسير القمّي : ـ « يعني من مات ـ إلى ـ ( فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) ».
(٥) البقرة (٢) : ٢٠٣.
(٦) في تفسير القمّي : ـ « يعني في النفر الأوّل ».
(٧) في الوافي : « يعني من مات قبل أن يمضي ، يعني إلى أهله.( فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) : لخروجه من ذنوبه بحجّه. و ( مَنْ تَأَخَّرَ ) ، يعني تأخّر موته( فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) ، يعني في بقيّة عمره إذا اتّقى الكبائر. يعني لمن اتّقى الصيد ، أي في بقيّة عمره. فإنكاره عليهالسلام هذا التفسير لا ينافي ما مضى وما يأتي من تفسيره عليهالسلام الاتّقاء باتّقاء الصيد ؛ لأنّه عليهالسلام فسّره فيما مضى باتّقائه إيّاه في إحرامه ، وفيما يأتي فسّره باتّقائه إيّاه إلى النفر الأخير ، ولم يفسّر في شيء منهما اتّقاءه إيّاه بقيّة عمره كما قالته العامّة ، وكلّما فسّر الاتّقاء بالصيد ونحوه من محرّمات الإحرام ، فالمراد بالتعجيل والتأخير ، التعجيل والتأخير في النفر ، و ( لِمَنِ اتَّقى ) متعلّق بالجملتين معاً ، يعني أنّهما سواء للمتّقي ، وكلّما فسّر بالكبائر والذنوب ، فالمراد بهما تعجّل الموت وتأخّره ، و ( لِمَنِ اتَّقى ) متعلّق بالجملة الأخيرة خاصّة. والحديث الآتي ظاهره المعنى الثاني أعني الموت ، والاختلاف في تأويلهم عليهمالسلام المتشابه ليس بمستنكر ؛ لأنّ القرآن ذو وجوه ، والكلّ صحيح ».
وفي مرآة العقول ، ج ١٨ ، ص ٢١٦ : « اعلم أنّه يظهر من أخبارنا في الآية وجوه من التأويل :
الأوّل : أنّه( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ ) أي نفر في اليوم الثاني عشر ، فلا إثم عليه ، ومن تأخّر إلى الثالث عشر فلا إثم عليه ، فذكر( فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) ثانياً إمّا للمزاوجة ، أو لأنّ بعضهم كانوا يرون في التأخير الإثم ، أو لعدم توهّم اعتبار المفهوم في الجزء الأوّل ، كما أومأ إليه الصادق عليهالسلام في خبر أبي أيّوب [ الوسائل ، ج ١٤ ، ص ٢٧٥ ، ح ١٩١٨٢ ]. فقوله : ( لِمَنِ اتَّقى ) أي لمن اتّقى في إحرامه الصيد والنساء ، أو لمن اتّقى إلى النفر الثاني الصيد كما في رواية