الأول : يقال لمن يكون في مقام الطغيان على المولى وعناده بحيث لو أمره المولى : إنّه تمرّد عن إطاعة أمره ، وبالاصطلاح يكون باغيا وطاغيا في قبال العبد الذي يكون مطيعا ومنقادا للمولى ، فعلى هذا يقال لهذا العبد الذي ليس له اعتناء بأمر المولى : إنّه متجرّي مع قطع النظر عن مخالفة منه ، مثل أنّ عبدا لم يتّفق الحال أن يأمره المولى أمرا فيخالفه ، ولكن يكون مع ذلك بحيث لو أمره به يخالفه ويعصيه لأجل عداوته مع مولاه ، مثل أن يقول : لو أمرني المولى لاخالفه ، فهذا الشخص تجرّيه ليس من باب مخالفة أمر المولى خارجا ، بل يكون فيه صفة التجري مع قطع النظر عن مخالفته خارجا ، فيقال لهذا العبد : متجرّ من باب كونه في مقام هتك المولى والطغيان عليه والبغض وعداوته معه ، وكون هذه الصفة فيه فيقابل العبد الذي من حاله كونه مطيعا للمولى وفيه هذه الصفة مع قطع النظر عن العمل الخارجي ، مثل من كان بناؤه على أنّ المولى لو أمره بشيء أطاعه.
الثاني : أن يقال : إنّ كون الشخص متجرّ من باب المخالفة التي صدرت منه في الخارج بأنّه خالف أمر المولى ، فينتزع من هذه المخالفة الخارجية التجري في قبال انتزاع الانقياد من العبد الذي أطاع أمر مولاه ، ففي هذه الصورة ليس تجرّيه من باب كونه في مقام هتك المولى والعناد معه ، بل صدرت منه المخالفة من باب غلبة هوى النفس ، ولو أنّ منشأ ذلك أيضا ضعف اليقين ولكن ليس من باب كونه في مقام هتك المولى والعناد معه ، بل ربّما يكون في هذا الحال خائفا من المخالفة ومتنفرا عن هذا الفعل ، ولكن كما قلنا : إنّ غلبة النفس صارت سببا لهذه المخالفة كما قيل في المروي عن سيدنا السجاد عليهالسلام في دعاء أبي حمزة : «إلهي لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد ، ولا بأمرك مستخف ، ولكن خطيئة عرضت وسوّلت لي نفسي وغلبني هواي» فيكون العصيان من باب غلبة الهوى لا من باب الاستخفاف بالمولى ، كما كان في الإطلاق الأول فيطلق التجري على هذا القسم أيضا.
اذا عرفت أنّ التجري يطلق على هذين القسمين نقول : إنّ القائل بكون