الذي حصل به الانقياد موجبا للثواب أم لا ، فلا يكون الكلام في أنّ الفعل المتجرّى به أو المنقاد به ما يكون حاله ، بل يكون الكلام في صرف أن على التجري يكون العقاب أو لا ولا يكون النظر أيضا في هذه الجهة الى أن التجري حرام ، أم لا؟
الجهة الثالثة : يكون النزاع في أنّ الفعل المتجرّى به يصير حراما ، أم لا؟ مثلا لو اعتقد أنّ هذا خمر والحال أنّه خلّ وتجرّى وشرب هذا المائع يصير هذا الفعل حراما ، أم لا؟ ففي هذه الجهة يكون الكلام في أن الفعل المتجرى به ينقلب عمّا هو واقعا ويصير حراما أم لا؟
أمّا الكلام في الجهة الاولى فنقول : لا ينبغي أن يقع مورد البحث أصلا ، ولا إشكال في أنّ من يكون فيه هذه الصفة ـ أعني التجري ـ ويكون بحيث لا يبالي على مخالفة المولى يكون شخصا مذموما وخبيثا في مقابل العبد المنقاد ، وأن كلّ عاقل يجعل التفاوت بين عبده الذي يكون من حاله الانقياد مع عبده الذي من حاله التجري والطغيان ، وهذا واضح.
وأمّا الكلام في الجهة الثانية فيما يظهر من كلام المحقّق الخراساني رحمهالله هو : أنّ التجرّي موجب للعقاب ، والانقياد موجب للثواب ، بل يظهر من كلامه أنّ الثواب مطلقا ولو في الإطاعة الواقعية يكون على الانقياد ، والعقاب حتى في المخالفات الواقعية يكون على التجري ، لأنّ الحاكم في باب الإطاعة والمعصية والثواب والعقاب هو العقل ، والعقل يحكم بأنّ الثواب على الانقياد والعقاب على التجري.
وبعبارة اخرى نقول في بيان مراده : إنّ في ترتّب الثواب والعقاب يكون نفس العلم موضوعا ، فما هو موضوع حكم العقل والثواب والعقاب يكون نفس الاعتقاد والعلم ، ولو أنّ موضوع حكم الشارع في حكمه يكون هو الواقع فبعد العلم بوجوب شيء لو أطاع انقاد ويحكم العقل بأن له الثواب ولو لم يكن هذا واجب في الواقع ، ولو تجرّى مع العلم وخالف فالعقل حاكم باستحقاقه للعقاب بمجرد تجرّيه ولو لم