العملية. وأمّا لو كان أخذ العموم لبيان الاستمرار ، وبعبارة اخرى : لا يكون منحلا الى أحكام عديدة بل يكون حكما واحدا فلو ورد التخصيص فلا يمكن التمسك بأصالة العموم في سائر الأفراد ؛ لأنّه ليس الأصل واحد وهو قد ارتفع بالتخصيص ، وهذه الكبرى واضحة.
إنّما الإشكال في بعض صغرياتها ، فنقول بعونه تعالى : إنّ الشيخ رحمهالله قال في الرسائل : (إنّه لو اخذ العموم أفراديا ثم ورد التخصيص بالنسبة الى فرد فيعمل عند الشك بالعموم ، ولا مجال لجريان الاستصحاب ، بل لو لم يكن عموم أيضا فلا مجال لاستصحاب الحكم الخاصّ) ، وقد مثّل لذلك ببعض الأمثلة.
والسرّ في ذلك هو : أنّ أصالة العموم في فرد لو رفع اليد عنها بمقتضى دليل التخصيص ففي فرد آخر لا مانع من التمسّك بأصالة العموم.
وأمّا لو اخذ العموم مستمرّا وكان حكم واحد ثمّ ورد التخصيص ففي حال الشك لا مجال للتمسّك بأصالة العموم ، ويكون استصحاب الحكم الخاصّ جاريا.
والسر في ذلك : هو أنّه ليس للعامّ إلّا أصل واحد وهو قد ارتفع بالتخصيص ، فليس أصل اجتهادي يرجع اليه في حال الشك ، فيكون المرجع هو الاستصحاب.
وكلام الشيخ رحمهالله في كلا الصورتين بعضه صحيح وبعضه فيه إشكال ، وكان أول من استشكل عليه هو السيد حسين رحمهالله ، ثم بعده بعض آخر.
أمّا كلام الشيخ في الصورة الاولى فما قاله من أنّ المرجع يكون العموم فهو كلام متين ، وأمّا ما قاله من أنّه لو لم يكن العموم أيضا لم يكن المرجع هو الاستصحاب ليس في محلّه ، بل كان الحقّ أن يقول بأنّ الخاصّ أيضا لو اخذ بنحو المفردية لم يكن في مورد الشك مرجعنا هو الاستصحاب ، وإن كان بنحو الاستمرار فيجري استصحاب الحكم المخصّص في مورد الشك ، فليس مطلقا كلامه صحيحا.