هو الآن الثاني ففي الحال استصحاب العدم الى الآن الثاني غير صحيح ؛ لاحتمال كون الحادث ما يستصحب عدمه ، فلو كان الحادث هو هذا فيكون نقض اليقين باليقين ، لا بالشك ، فبمجرّد احتمال ذلك لا يمكن الاستصحاب ، لعدم إحراز الاتصال ، وهذا معنى كون المورد من الشبهات المصداقية «لا تنقض» ، فتدبّر.
فظهر لك الفرق بين ما يكون الحادث ملحوظا بالقياس الى الزمان فيجري الاستصحاب لو لم يكن متعارضا باستصحاب حادث آخر ، وبين ما لو لوحظ الحادث بالقياس الى حادث آخر فلا يجري الاستصحاب أصلا ، لا أنّه يجري ويسقط بالتعارض ، فافهم.
واعلم : أنّ هذا الإشكال غير ما أورده الشيخ رحمهالله من عدم جريان جميع الاصول في أطراف العلم الإجمالي ، من أجل أنّ الأصل يجري مع الشك ، فأطراف العلم الإجمالي وإن كان بالنسبة الى كلّ منها شاكا لكن مع العلم لا مجال للأصل ، وكذلك غير كلامنا في العلم الإجمالي في وجه عدم جريان الاصول في أطرافه لأجل أن كلّا من الأطراف وإن كان في حدّ ذاتها مورد الأصل لأجل كونه شاكا فيها ، ولكن باعتبار العلم لم يكن شاكا فلا مجال لجريان الأصول.
ووجه كون هذا الإشكال غير إشكال العلم الإجمالي هو ما قلنا من أنّ إشكال المحقّق الخراساني رحمهالله في هذا المقام يكون من أجل عدم إحراز اتصال زمان الشك باليقين ، كما بيّنا ، ولكن مع ذلك ليس كلامه في محلّه : أمّا أولا فلأنّه إمّا أنّ يقول بأنّه يعلم إجمالا بحدوث أحد الحادثين في الآن الثاني ، وإمّا أن يقول بالعلم التفصيلي بحدوث خصوص أحد الحادثين ، غاية الأمر في الآن الثالث لم يدر بأنّ أيّهما كان ما علم به تفصيلا؟ فإن قال بالأول فتارة يقول بقابلية انطباق العلم لأحد الحادثين ، واخرى لم يقل بهذا ، فإن قال بالانطباق فيرد عليه : أنّه على هذا لم يكن هذا الإشكال مخصوصا بالمقام ، بل في كلّ استصحاب يجري هذا الإشكال ، وإن قال بعدم الانطباق فالعلم لا يضرّ بالشك ولا يصير مانعا من اتصاله باليقين ؛ لفرض عدم