الاحتمال الأول : وهو الذي يظهر من ذيل كلام المحقّق الخراساني رحمهالله في المقام أيضا هو : أنّ السبب ليس سببا حقيقة ، وليس فيه تأثير ولا تأثّر ، وليس فيه الحيثية التي كانت سببا ، وما حصل ليس علة وسببا حقيقيا ، بل ليس له دخل في الوجوب أصلا ، بل من باب الاتّفاق صار مقارنا مع الوجوب ، وإلّا ليس له دخل في الوجوب ، وإطلاق السبب عليه يكون لأجل مقارنته مع الوجوب ، وإلّا فهو ليس سببا حقيقيا ، وهذا هو معنى أنّ أداة الشرط وما يعقبها هل هو شرط وسبب حقيقة ، أو ليس كذلك ، بل الشارع أوجب الشيء عنده ومقارنا له ، لا أن يكون فيه تأثير في الوجوب؟ وهذا معنى ما يكون في بعض الكلمات من أنّ الأسباب الشرعية معرّفات ، فالاختلاف في أنّ الأسباب الشرعية معرّفات أو أسباب يكون معنى كونها أسباب هو أنّ فيها تأثيرا في المسببات ، ومعنى كونها معرّفات أنّه ليس فيها تأثير وعلّية أصلا.
وعلى هذا القول تكون الأسباب الشرعية معرّفات ليس لازمه هو عدم مفهوم للقضية الشرطية ، بل يجري النزاع مع ذلك في أنّه هل هذا معرّف فقط بحيث يستفاد منه المفهوم ، أم لا؟ فللقائل بالمفهوم مع التزامه بكون الأسباب الشرعية معرّفات أن يقول بأنّ بعد كون الشيء الفلاني معرّفا فمعه يكون المعرّف ـ بالفتح ـ الوجوب وبانتفاء المعرّف ليس وجوب ، فافهم.
الاحتمال الثاني : وهو أنّ السببية سببية حقيقية ، ولكن حيث إنّه لا بدّ في تأثير العلّة في المعلول وتأثّر المعلول به هو أن يكون بينهما السنخية ، فعلى هذا بعد ما يكون المسبب أمرا اعتباريا وليس من الامور الحقيقية فلا بدّ وأن يكون السبب أيضا سببا اعتباريا حتى يكون بين العلة والمعلول السنخية ، فالسببية تكون سببية اعتبارية ، فعلى هذا الاحتمال لا ينفي العلّية والمعلولية والتأثير والتأثر ، بل السببية سببية حقيقية ولكن اعتبارا لأجل أنّ سببها يكون من الامور الاعتبارية.