وأمّا ما قاله بعد ذلك من أنّ إطلاق اليقين غالبا ما يكون مرآة ففيه : أنّ كثيرا ما ورد كذلك ، وإطلاقه كان على نفس الموضوعية والصفتية ، كما أنّ العلم والقطع كثيرا ما يطلقان كمرآة ، بل على ما قالوا في باب القطع ، وهو أيضا قال : إنّ إطلاق العلم والقطع على نحو الصفتية لا يوجد له مورد في الشرع ، بل قال في باب الاستصحاب في ذيل صحيحة زرارة الاولى التي تمسّك بها على الاستصحاب بعد الإشكال فيها : إنّه لا يصحّ التعليل على عدم الإعادة بقوله عليهالسلام : «لأنّك ... الى آخره» بأنّ العلم بالطهارة إمّا شرط ... الى آخر كلامه ، فقال بأنّ اعتبار العلم (من حيث الصفتية فهو ممّا لا يحتمل في المقام ، بل قد تقدم في مبحث القطع أنّ أخذ العلم على وجه الصفتية مجرد فرض لم نعثر على مورد له في الفقه) فكيف يقول هنا هذا الكلام؟ والحقيقة أنّ كلامه هنا ممّا فيه من الفساد بحيث يستبعد إسناده اليه ، ولعلّه كان من المقرر ، ثم قال بعد ذلك بأن إسناد النقض الى اليقين يكون باعتبار نفسه لا باعتبار المتيقن ، وهذا أيضا مخالف مع كلامه أولا من أنّ الاسناد كان باعتبار المتيقّن ، فافهم.
فظهر لك : أنّه يصحّ إسناد النقض الى اليقين ، وإشكال الشيخ رحمهالله بأنّ المتيقن لا بدّ أن يكون فيه اقتضاء البقاء حتى يحفظ استمرار المعتبر في صحة إسناد النقض ليس له وجه ، إذ الاستمرار المعتبر لا يلزم أن يكون باعتبار مقتضى البقاء في المتيقن ، بل حقيقة الاستصحاب فيه الاستمرار ؛ لما قلنا من أنّ الاستصحاب عبارة عن بقاء ما كان متيقنا.
ونقول زيادة لتوضيح المطلب : إنّ استعمال المجازي يحتاج الى علاقة مصحّحة للاستعمال ، فلا بدّ من أن ينظر الى أنّ استعماله في المعنى الحقيقي هو ما يصحّحه ، فكلّ جهة تكون فيها فلو كان في المعنى المجازي هذه الجهة يصحّ الاستعمال ، ففي ما نحن فيه إطلاق النقض في معناه الحقيقي يحتمل أن يكون لأجل استحكامه ، ويمكن أن يكون