ولا يخفى عليك أنّ العمدة في الباب هو الأخبار ، ونحن نتعرّض للأخبار التي تدلّ على عموم حجية الاستصحاب.
منها : صحيحة زرارة ، قال : «قلت له : الرجل ينام وهو على وضوء أيوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ قال : يا زرارة ، قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن ، فاذا نامت العين والاذن فقد وجب الوضوء ، قلت : فإن حرّك في جنبه شيء وهو لا يعلم؟ قال : لا حتى يستيقن أنّه قد نام ، حتى يجيء من ذلك أمر بيّن ، وإلّا فإنّه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبدا بالشكّ ، ولكن تنقضه بيقين آخر.»
اعلم : أنّ هذه الرواية من الروايات الصحيحة ، وليست مضمرة كما توهّموا وقالوا بأنّ إضمارها غير مضرّ ؛ لأنّ زرارة لم يرو إلّا عن المعصوم عليهالسلام كما أنّ الرواية لو كانت مضمرة لا يكفي هذا البيان بعدم مضرّية إضمارها ، إذ يمكن أن يكون زرارة أيضا يسأل من غير المعصوم ، بل كما قلنا تكون الرواية صحيحة ، وحيث يكون المرسوم عند المتقدمين كما نرى في بعض كتبهم التي تكون في البين أنّه في أول كتبهم إذا كانت الرواية عن أحد من الأئمّة يقول مثلا : سألت الصادق عليهالسلام ، ثم يقول بعد ذلك : وسألته ، وسألته ، وهكذا الى آخر ما يروي عنه عليهالسلام ، وما ذكرنا من هذا القبيل أيضا ، ولذا صار مورد التوهم والتخيل بأنّها مضمرة ، والحال أنّ هذا موجود أيضا في كتاب حريز وهو من الثقات ، فعلى هذا تكون الرواية صحيحة ولا وجه للتعبير عنها بالمضمرة.
اذا عرفت هذا فنقول : إنّ المعصوم عليهالسلام بيّن في الرواية حكم الشبهة الحكمية ، حيث سأل السائل «أيوجب الخفقة ... الوضوء؟» فأجاب عليهالسلام بأنه «اذا نامت العين والاذن فقد وجب الوضوء» حيث إنّ السؤال راجع الى حكم الخفقة والخفقتين. وبيّن أيضا حكم الشبهة الموضوعية ، حيث سأل «فإن حرّك ... الى آخره.» ، فيعلم أنّ النوم موجب للوضوء ، لكن لا يدري أنّه لو حرّك في جنبه شيء وهو لا يعلم