أمّا الكلام في عدم جواز المخالفة القطعية فنقول بعون الله تعالى مقدمة : إنّ محلّ الكلام في هذا المقام هو فيما لو كان الواقع بما هو واقع مورد الوجوب أو الحرمة ، ويكون العلم مأخوذا على وجه الطريقية ، ولا يكون أثر للعلم إلّا إراءة الواقع ، فليس من محلّ الكلام ما لا يكون أخذ العلم على وجه الطريقية وصرف الإراءة ، بل لو كان العلم مأخوذا في الموضوع ، سواء كان مأخوذا في مرتبة إنشاء الحكم ، أو في مرتبة فعليته ، أي كان الواقع فعليا من جميع الجهات ويكون تنجّزه موقوفا على العلم ، وإلّا لو كان الواقع مشكوكا أو كان أخذ العلم على نحو الموضوعية فهذا خارج عن محلّ الكلام ؛ لأنّ العلم الموضوعي يختلف بحسب الموارد وتابع لأصل أخذه ، فممّا قلنا يظهر لك أمران :
الأول : أنّ ما كان العلم فيه مأخوذا على نحو الموضوعية فخارج عن محلّ الكلام ، وهذا واضح لا يحتاج الى البيان.
والثاني : أنّ ما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله في العلم الإجمالي وفي هذا المقام من أنّه تارة يكون العلم التفصيليّ شرطا لفعلية التكليف ، ولذا يكون العلم التفصيلي علّة تامة والعلم الإجمالي فيه صرف الاقتضاء ، فمع عدم مورد في الشرع لو كان العلم التفصيلي شرطا لمرتبة الفعلية يكون خارجا عن محلّ الكلام ؛ لأنّ محلّ الكلام هو فيما لو كانّ العلم لصرف الإراءة والطريقية.
اذا عرفت تلك المقدمة فنقول : إنّ للشيخ رحمهالله في المقام لطائف من الكلام ، ومن جملتها أنّه قال : إنّ محلّ الكلام فيما لو علم التحريم وشكّ في الحرام ، وهذا معنى ما قلنا سابقا من أنّه لا معنى لإجمال العلم ، بل العلم دائما يكون فيه التفصيل والانكشاف ، ولا معنى مع الكشف الإجمال ، لكن تارة يكون العلم تفصيلا وانكشافا لكلّ حيثية من الحيثيات ، واخرى يكون كشفا لجهة وحيث خاصّ ، وعلى كلّ من