هو مرئيا للواقع ، بل الأخبار صريحة في أنّه ولو لم يكن ما بلغ له واقع لكن يترتب عليه الثواب ، ولا تكون أخبار من بلغ طريقا ، بل نفس البلوغ يكون فيه الموضوعية ، كما في صدق العادل يكون لسانه فرض قول العادل هو الواقع ثم العمل على وفقه ، وليس في أخبار من بلغ كذلك ، بل نصرف البلوغ والعمل على وفق ما بلغ ويترتب الثواب ، وأنّ الثواب يكون على صرف رجاء العبد وتوجّهه نحو جنابه جلّ شأنه ، فالله تعالى لا يحرمه ويعطيه ما يرجوه ولو لم يكن واقعا لما بلغ ، ولا يلزم فرض كون ما بلغ هو الواقع ، بل مع عدم كون ما بلغ واقعا يترتب الثواب ، فهذا شاهد على أنّ نفس البلوغ أيضا موضوع كأحد الموضوعات وليس طريقا ، فتدبّر.
الاحتمال الثاني : وهو أن تكون أخبار من بلغ أخبارا عن أمر آخر ولم تكن مرتبطة أصلا باستحباب العمل ، بل يكون في مقام الإخبار عن من بلغه ثواب فصار في مقام الإطاعة والانقياد ولم يكن واقع ، كما بلغه فيعطي الله ثواب البالغ اليه ، لأنّه كان في مقام الانقياد ، لأنّ من أحد مراتب الإطاعة وإتيان العمل لله هو أن يفعل الفعل رجاء للثواب ، وكذلك من مراتبه الخوف من العذاب ، وعلى هذا فأخبار من بلغ تكون ناظرة الى أنّ الانقياد والإطاعة موجبان للثواب ولسان الأخبار هو الإخبار عن ذلك.
والشاهد على ذلك : هو ما ورد في بعض أخباره «فعمله التماس ذلك الثواب ، أو التماس ذلك الخبر» ، فكأنّ المعنى ـ والله أعلم ـ أنّ تحريك العبد نحو العمل بمجرد بلوغ شيء انقيادا يوجب الثواب ، وعليه فإنّ هذه الأخبار تدلّ على الثواب على الانقياد وتفضّل الله تعالى على العبد المنقاد ، والثواب على الانقياد غير مرتبط بصيرورة العمل عبادة ، فافهم.
الاحتمال الثالث : وهو أن يكون لسان هذه الأخبار كلسان «من سرّح لحيته فله الثواب الكذائي» ، غاية الأمر كان هذا المثال في مورد خاصّ وتكون أخبار من