الواقع ، وهذه الملازمة موقوفة على بعض المقدمات بعد إثبات الملازمة ، وهي : أنّ يكون الشيء ممّا يكون بيانه لازما حتى يكون عدم الدليل على بيانه كاشفا عن عدمه ، وأيضا بعد ذلك لا بدّ بأن يكون الشيء عامّ البلوى بحيث يكون محلّ ابتلاء الأشخاص ، وأمّا لو لم يكن محلّ ابتلاء الأشخاص فيمكن أن لا يبيّنه ولو كان في الواقع ، وعدم الدليل على بيانه لا يكون كاشفا عن عدمه واقعا ، وأيضا بعد ذلك لا بدّ وأن يكون الشيء بحيث يكون عليه توافر الدواعي بحيث لو بيّن لبلغ الينا ، أمّا لو لم يكن كذلك فيمكن أن يكون قد بيّنه ولم يبلغ الينا ، فعدم الدليل عليه ليس كاشفا عن عدمه واقعا ، ففي كلّ مورد يكون الأمر كذلك سواء كان الشيء حكما أو غير حكم يكون عدم الدليل دليل العدم ، فاذا لم يكن دليل على حكم ويكون الحكم محلّ ابتلاء العامة وكان بحيث لو بيّن لبلغ الينا ، فلو لم يكن في الآثار والأخبار دليل عليه نكشف بسبب الملازمة التي تكون بين الحكم ودليله مع هذه المقدمات عن عدم الحكم واقعا.
فعلى هذا كلّ مورد يكون كذلك يكون عدم الدليل كاشفا عن عدم الحكم في الواقع ، بخلاف البراءة ، وهذا هو مراد القدماء من قولهم : عدم الدليل دليل العدم ، كما ترى كثيرا في كلمات صاحب المعالم رحمهالله ، وهذا غير البراءة فيما قلنا ، فمراد المحقّق أيضا يكون ذلك. وإن أبيت عن أن يكون مراده ما قلنا فمراد المتقدمين هو ما قلنا.
وبهذا يمكن توجيه كلام المحقق الذي نقله الشيخ رحمهالله في هذا المقام في التنبيه الأول في رسائله ولكن الشيخ رحمهالله قال بنحو آخر في توجيه كلامه.
وقال : إنّه لا إشكال في أنّ التكليف لو بلغ مرتبة الفعلية يلزم على الشرع البيان ، وإلّا لو لم يبيّن ومع ذلك كان فعليا بمعنى البعث والزجر مع جهل المكلف كان ذلك تكليفا بما لا يطاق ، فمن عدم البيان وعدم الدليل نكشف عدم الفعلية ، وهذا التوجيه وإن كان له وجه إلّا أنّ نتيجته راجعة الى البراءة ، فلا ينافي عدم فعلية