إيجاب الاحتياط حتى يرد الإشكال ، واذا كان المرفوع هو الحكم فيكون الموضوع هو الحكم المجهول ، ولا تنافي بأنّ يرفع الحديث أمرا آخر وهو إيجاب الاحتياط ، فما يكون مرفوعا هو الحكم مرتبة تنجّزه أو فعليته ، وهو ليس حكم ثابت في مورد الجهل وعدم العلم حتى لا يمكن رفعه بحديث الرفع ، فلا يرد الإشكال المتقدم.
ولو كان المرفوع هو إيجاب الاحتياط صدق ما قالوا من أنّه لا يمكن رفعه بالحديث ، ولكن هو ليس بمرفوع ، والمرفوع هو الحكم ولو كان منشأ رفعه بعدم إيجاب الاحتياط ، فتدبّر.
وقد يقال : إنّك تعلم بأنّ الأغراض تكون مختلفة شدّة وضعفا ، فتارة لا تهمّ بحفظ الغرض لضعفه ، وتارة تهمّ بحفظه لأهميّته ، فلو كان الغرض مهمّا تجد طالب حفظ الغرض يهتمّ في حفظ غرضه ، وكلّ ما كان لوجوده دخل في وجود غرضه يوجده ، وكلّ شيء يكون رفعه له دخلا في غرضه يدفعه.
فعلى هذا نقول في ما نحن فيه : إنّ غرض الشارع تارة يكون مهمّا بحيث يكون نظره بإتيانه ولو في حال الجهل ، ولذا يجعل الاحتياط في مورده. وتارة لا يكون كذلك ، بل يكون الغرض غير مهمّ في نظره ، فلذا لو علم المكلف ـ مثلا ـ بنفسه يطلب منه وفي حال الجهل لم يجب الاحتياط ، فعلى هذا يصبح معنى رفع ما لا يعلمون رفع المقتضي ؛ لما قلنا من أنّ المقتضي قاصر من أن يطلبه في حال الجهل ، وعليه يكون الرفع رفع المقتضي ، لا رفع مرتبة تنجّز الحكم أو فعليته.
ولكن ولو قلنا بهذا الكلام في بعض المقامات ، وأنّ الأغراض مختلفة من حيث الشدّة والضعف إلّا أنّه ليس في المقام مجال لهذا الكلام ؛ لأنّ ظاهر الحديث هو إسناد الرفع الى الحكم ، لا رفع مقتضيات الأحكام ، فافهم.
ثمّ إنّ هنا عبارة للمحقّق الخراساني رحمهالله في الكفاية وهي : أنّه مع ما يظهر من عبارته من أنّ المرفوع هو الحكم فقد صرّح قبل ذلك جوابا عن إشكال المؤاخذة