بالتكاليف بين الروايات وسائر الأمارات منطبق على العلم الإجمالي الصغير ، وهو العلم الإجمالي بصدور كثير ممّا بأيدينا من الأخبار.
فعلى هذا بعد الانطباق تصير دائرة العلم الإجمالي الكبير أضيق ، لأنّه بعد الانطباق تكون أطرافه منحصرة بالأخبار وغيرها من سائر الأمارات ، كما يكون الأمر في كلّ منها مورد احتمال للتطبيق ، مثلا لو شهد زيد بوقوع الدم في واحد من عشرة أوان موجودة عندك وفي هذا الحال أخبر عمرو بوقوع الدم في واحد من خمسة أوان معينة من هذه العشرة فقهرا ينطبق علمك الإجمالي بوقوع الدم في واحد من عشرة أوان على العلم الإجمالي بوقوع الدم في واحد من خمسة منها ، ولا يكون العلم الإجمالي بالنسبة الى ما زاد عن الخمسة منجّزا ؛ لاحتمال كون الدم الذي أخبر به زيد هو الدم الذي أخبر به عمرو.
فعلى هذا في المقام أيضا يكون العلم الإجمالي الكبير على التقريب الثاني منطبقا مع العلم الإجمالي الصغير ، وأمّا على تقريب الشيخ رحمهالله فلا يكون الأمر كذلك ؛ لأنه لا يدّعي الانطباق ، ولذا يرد على تقريب الشيخ رحمهالله ما ذكره نفسه الزكية ، وقال أولا : إنّ غاية اثبات ذلك هو العمل بمطلق الأمارات كالشهرة وغيرها ، لا خصوص الاخبار ؛ لأن العلم الإجمالي لا تكون دائرته منحصرة بالأخبار ، بل كلّ ما نعلم هو كون التكاليف في الأخبار وسائر الأمارات. وثانيا : أنّ هذا الوجه لا يثبت إلّا العمل بما هو مظنون الواقع ، لا بما هو مظنون الصدور ؛ لأنّ ما نعلم به إجمالا هو صدور أحكام كثيرة ، فعلى هذا لا تكون هذه الأحكام الكثيرة في خصوص الأخبار ، بل فيها وفي غيرها ، وعليه تكون نتيجته هو العمل بما ظنّ بصدوره لبيان حكم الله الواقعي ، سواء كان مؤدّى الخبر أو غيره من الأمارات ، ولا يجب العمل بمطلق مظنون الصدور من الأخبار ؛ لأنّ صرف صدوره لا يكفي في كونه حكما واقعيا ، لأنه يمكن صدوره تقية ، فما هو المعلوم بالإجمال هو صدور أحكام