والمعصية ، وأنّ إمكان التعبّد بخبر الواحد وعدمه يكون راجعا الى العقل فيكفي فيه عدم الردع ، بل يكون مقتضى الحجية للسيرة موجودا ، غاية الأمر لو ثبت الردع يكون مانعا عن حجّيته فلا يكون شرطا في اقتضائه ، فعلى هذا يكفي في حجية السيرة عدم ثبوت الردع ، وعليه فبمجرّد عدم ثبوت ردع من الشارع تكون حجة ، ولكنّ الآيات الناهية لم تكن كذلك ، بل حجّيتها موقوفة بعدم تخصيصها بالسيرة ، بمعنى أنّه لا يكون في الآيات الناهية مقتضى الحجية أصلا إلّا اذا لم تكن مخصّصة بالسيرة ، وعلى هذا فحجّية السيرة تكون فعلية ، وحجّية الآيات تكون تعليقية ؛ لأنّ السيرة حجة فعلا وفيها مقتضى الحجية ، ولو فرضنا كون الآيات رادعة عن السيرة لم تكن مانعة من اقتضاء السيرة للحجية ، وذلك لعدم مقتض للحجية إلّا بعد عدم تخصيصها بالسيرة ، فافهم ، وبهذا فقد علمت أن في بعض الموارد يكفي عدم ثبوت الردع ، وفي بعض الموارد لا بدّ من الإمضاء.
ولا يخفى عليك أنّ المجعولات الشرعية كلّها من هذا القبيل ، سواء كانت تكليفية أو وضعية ، ففي كلّ منها حيث يكون راجعا الى الشارع ، إذ وظيفة الشارع هو وضع الأحكام ، ففي ذلك المورد لو كان عند العرف أمر فلا بدّ في العمل والتمسّك به من إمضاء الشارع ، فلو كان عند العرف كذا أمر مثلا موجبا للنقل لا يمكن لهم العمل إلّا بعد إمضاء الشارع ؛ لما قلنا من أنّه لا بدّ من أن تؤخذ الأحكام طرّا من الشارع ، ولا يلزمه بمقتضى شارعيّته الردع حتى يقال : يكفي عدم الردع ، بل يلزم على الناس الرجوع في الأحكام الى الشارع ، فما لم يمض الشارع لا يمكن لهم العمل.
نعم ، في المعاملات تارة نقول : بأنّ ما يكون مورد اعتبار الشارع هو ما يكون عند العرف ، والشارع يكون اعتباره منزّلا على ما يتعامل به العرف ، فعلى هذا يكون من الموضوعات العرفية ، والشارع حيث إنّه يتماشى مع العرف فلا بدّ من تنزيل ما يكون معاملة عنده بما يكون معاملة عند العرف ، لأنّه لو كان غير ذلك لا بدّ له من