القول بل قلنا بأن المراد صرف القول إلّا أنّه مع ذلك لا يكون مفيدا لحجية الخبر مطلقا ، حيث إنّه لا إشكال في أنّ قول علماء اليهود يكون محفوفا بقرائن تفيد العلم ، فلو أخبروا بصدق دعوة نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم يكون خبرهم مطابقا مع ما في التوراة ، ولا يمكن لهم إظهار أنّ في التوراة كذا ، والحال أنّه لم يكن كذلك ، فخبرهم يكون مفيدا للعلم لاحتفافه بالقرينة ، فعلى هذا لا تدلّ الآية الشريفة إلّا على حجية الخبر المفيد للعلم ، لا مطلق الخبر ، ومع قطع النظر عن ذلك فقد أجاب الشيخ رحمهالله عن الاستدلال بهذه الآية فراجع الرسائل.
ومن الآيات التي استدلّوا بها على حجية خبر الواحد قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ.) وجه الاستدلال هو : أنّه بعد ما وجب السؤال يكون مقدمة للقبول فيكون القبول واجبا.
وفيه أولا : أنّ هذه الآية وردت في الردّ على مزاعم بعض علماء اليهود الذين كانوا يقولون بأن النبي هو من جنس الملائكة ، فقال الله : إنّه لا يكون النبي إلّا من جنس البشر ، كما ترى في صدر الآية من سورة النمل (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ ،) وفي سورة الأنبياء (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ،) فالمراد بأهل الذكر هم علماء اليهود بمقتضى سياق الآية ، وعلى هذا فلا تكون الآية دليلا لما نحن فيه ، ولا إشكال في أنّ الرجوع إليهم لم يكن من باب حجية الخبر ، بل لعلّه من جهة أنّ أهل الكتاب يقبلون قول علمائهم.
وثانيا : أنّه بمقتضى الأخبار الواردة في تفسير الآية فإنّ المراد من أهل الذكر أهل البيت عليهمالسلام كما نقل في البحار والكافي أخبارها وهي متواترة ، والشيخ الانصاري رحمهالله حيث وقف على الأخبار التي تعرض لها اصول الكافي قال : بأنّه قد يشكل فيها لضعف السند ، ولكن في البحار أخبار كثيرة ذكرت أنّ المراد من أهل