منها : أنّ التحذّر يكون غاية للنفر الواجب وغاية الواجب واجبة.
ومنها : أنّه بعد ما كان الترجّي في حقّ الله تعالى محالا إذ يلزم من ذلك الجهل في حقّه تعالى فالمراد من «لعلّ» المذكور في الآية هو المحبوبية ، فيكون المعنى محبوبية الحذر ، وهذا يساوق الوجوب ؛ لأنّ في التحذّر مصلحة فيكون واجبا ، وإن لم يكن فيه مصلحة فلا يكون محبوبا ، فلا معنى لندب الحذر ، فعلى هذا يكون الحذر واجبا.
ومنها : أنّه بعد ما وجب التحذّر الذي هو غاية للإنذار الواجب فلا بدّ أن يكون الحذر واجبا ، وإلّا لغي وجوب الإنذار.
ولكن لا يخفى عليك ما في هذه الوجوه :
أمّا في الوجه الأول والثالث فلأنّ الآية ليست في مقام بيان التحذّر حتى يمكن التمسك باطلاقها ، بل هي في مقام بيان وجوب النفر والإنذار ، فعلى هذا لا يستفاد وجوب الحذر مطلقا حتى في مورد عدم العلم ، بل يمكن أن يكون مقيّدا بالعلم.
وأمّا في الوجه الثاني فلأنّ التحذّر لرجاء إدراك الواقع وعدم الوقوع في محذور مخالفته من فوت الواقع حسن ، وليس بواجب ، فما قيل من أنّه لا معنى للندب الحذر ممنوع ، فافهم.
ولكن اعلم : أنّه لا إشكال في أنّ لفظ «لعلّ» يستعمل في المورد الذي يكون فيه ترتّب لاحقه على سابقه ، ولا إشكال أيضا في كون ترتّب لاحقه على سابقه مفروضا مع قطع النظر عن «لعلّ» ، وهذا بديهي ، فلا يمكن الترجّي بأمر لا يكون مترتبا على سابقه ، فلا بدّ من أن يكون الترتب مفروضا من الخارج مع قطع النظر عن «لعلّ». نعم ، تارة يكون الترتب عقليا ، وتارة يكون شرعيا ، ولكن على كلّ تقدير لا بدّ من مفروضية الترتب كما ترى في موارد استعماله ، مثلا تقول : عظه لعلّه يخشى ، فالخشية مترتّبة على الموعظة مع قطع النظر عن «لعلّ» كما في المثال ، وبعد ثبوت ذلك نقول : إنّه مع قطع النظر عن هذه الآية فإنّ التحذّر المذكور في الآية مترتّب