لأهل الخبرة ، وأيضا من الجائز أن يرجع الخبرة الى الخبرة مع قدرته على المقدمات وتحصيل النتيجة ، وأيضا في الموضوعات يعتبر في جواز التمسّك بقول أهل الخبرة أن يكون عدلين ، وهذا كلّه يكون من أمارات كونها من صغريات كبرى الخبر ، فيكون الرجوع الى أهل الخبرة من صغريات كبرى الرجوع الى الخبرة ، وفي المقام ـ أعني الرجوع الى قول اللغوي ـ لا إشكال بكونه من باب الرجوع الى الخبرة ، لأنّه يعتبر فيه التعدّد ، واعتبار العدالة ، وجواز الرجوع اليهم مع العلم ، وهذه الشواهد تدلّ على عدم كون الرجوع الى قول اللغوي من صغريات رجوع الجاهل الى العالم.
إذا عرفت ذلك فلا إشكال في عدم حجّية الظنّ الحاصل من قول اللغوي بعد كون حجيته من باب الخبر ، حيث إنّ الخبر الذي يكون حجة هو ما يكون من المقدمات الحسية ، وقول اللغوي لا يكون كذلك ؛ لما ترى أنّ أقوالهم في كون شيء حقيقة أو مجازا لا يكون إلّا ببعض المقدمات الحدسية فكيف تكون حجة؟ كما أنّك ترى أنّ السيد المرتضى والسيد الرضي رحمهماالله كانا من أشهر اللغويين ورأيهما على الاستنباطات في الحقيقة والمجاز ، كما أنّك ترى أنّ السيد المرتضى رحمهالله يقول بأنّ الأصل في الاستعمال هو الحقيقة ، وكذلك سائر اللغويين يقولون ببعض الاستنباطات والاجتهادات ، فعلى هذا ظهر لك أنّ قول اللغوي ـ أعني الظنّ الحاصل من قوله ـ ليس بحجة.
وإن قلت : إنّ الرجوع الى قول اللغوي يكون من صغريات رجوع الجاهل الى العالم فأيضا لا يكفي ولا يكون حجّة ، مع أنّه لم يكن من صغرياته ، لأنّه لا إشكال في أنّ موضوع رجوع الجاهل الى العالم يكون فيما يكون جاهلا ، وأمّا لو كان عالما فلا يجوز الرجوع ، فالعالم الذي يدعي المقامات العلمية كيف يمكن أن يرجع اليه؟
وإن قلت : إنّ مع كونه عالما لا يكون في هذه المسألة عالما.