اشْتَرَيْتَ فَقُلْ : إِنَّمَا أَشْتَرِي (١) ، مِنْكَ الْوَرَقَ وَمَا فِيهِ مِنَ الْأَدَمِ (٢) وَحِلْيَتِهِ (٣) وَمَا فِيهِ مِنْ عَمَلِ يَدِكَ (٤) بِكَذَا وَكَذَا ». (٥)
٨٥٦٤ / ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَمَاعَةَ :
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ بَيْعِ (٦) الْمَصَاحِفِ وَشِرَائِهَا؟
فَقَالَ (٧) : « لَا تَشْتَرِ (٨) كِتَابَ اللهِ (٩) عَزَّ وَجَلَّ ، وَلكِنِ اشْتَرِ
__________________
لا يدخل في الملك شرعاً. انتهى.
أقول : والتكليف الصوري فيه غموض ؛ إذ لا ريب في أنّ هذا تكليف شرعي ، يترتّب على التخلّف عنه العقوبة وبطلان المعاملة ، فما الفرق بينه وبين سائر التكاليف التي ليست بصورته؟ وعلى ما ذكرنا يمكن أن يقال : إنّه تكليف أدبي لتعظيم القرآن وتشريفه بأن لا يجعل مورداً للبيع والشراء ، وأن يتوجّه البيع إلى الحاكي ، لا إلى المحكيّ عنه.
فإن قيل : المنتقل من البائع إلى المشتري هذا الجسم الموجود مع النقش ، فلا يفرق الأمر فيه بأن يعتبر كونه حاكياً ، أو ينظر إليه بنفسه ؛ لأنّ هذا الاعتبار لا يزيد في ماليّته عرفاً ولا ينقص.
قلنا : نعم لا يزيد ولا ينقص من الماليّة ، بل ينقص من الأدب والإكرام للقرآن.
فإن قيل : لا عبرة في العرف عند المعاملة ، لا بالأوراق والنقوش ، ولا يعتبر كونه حاكياً عن كلام الله ، وفرق بينه وبين الأوراق الماليّة.
قلنا : لا يمكن للمسلم أن يتصوّر مفهوم القرآن أو يتلفّظ بكلمة المصحف ولا يعتبر كونه حاكياً ، ولذلك منع الناس من مسّ كتابة القرآن بلا طهارة ؛ لأنّ الكتابة حاكية دائماً عن كلام الله تعالى ، فاوجب على الناس تكليفاً أن يجرّدوا النظر عند البيع إلى الأوراق والنقوش والآلات بنفسها من غير اعتبار حكايتها ».
(١) في « ط » : « اشتريت ».
(٢) في الوسائل : « الأديم ». والأَدَمُ ، بفتحتين : اسم لجمع أديم ، وهو الجلد المدبوغ المصلح بالدباغ. المغرب ، ص ٢٢ ( أدم ).
(٣) في « بخ » : « وحليه ». وفي الوافي : « وحيله ».
(٤) في مرآة العقول ، ج ١٩ ، ص ٨٣ : « قوله عليهالسلام : وما فيه من عمل يدك ، أي في غير الكتابة ، ويحتمل الأعمّ. ويدلّ على ما هو المشهور من تحريم بيع المصحف وجواز بيع القرطاس والجلد. ولا يبعد حمله على الكراهة ».
(٥) التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣٦٥ ، ح ١٠٥٠ ، بسنده عن أبي عبد الله بن سليمان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، مع اختلاف يسير الوافي ، ج ١٧ ، ص ٢٤٣ ، ح ١٧١٩٤ ؛ الوسائل ، ج ١٧ ، ص ١٥٨ ، ح ٢٢٢٣٥.
(٦) في « ط » : ـ « بيع ».
(٧) في « بح ، بس ، جد ، جن » والوافي : « قال ».
(٨) في « ط » : « لا يُشترى ».
(٩) قال المحقّق الشعراني في هامش الوافي : « قوله : لا تشتر كتاب الله ، أي لا تقل : أشتري منك كتاب الله ؛ فإنّه