فَسَوُّوا صُفُوفَكُمْ كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ ، فَقَدِّمُوا الدَّارِعَ (١) ، وَأَخِّرُوا الْحَاسِرَ ، وَعَضُّوا عَلَى النَّوَاجِدِ (٢) ؛ فَإِنَّهُ أَنْبَأُ (٣) لِلسُّيُوفِ عَلَى (٤) الْهَامِ (٥) ، وَالْتَوُوا (٦) عَلى أَطْرَافِ الرِّمَاحِ ؛ فَإِنَّهُ أَمْوَرُ (٧) لِلْأَسِنَّةِ (٨) ، وَغُضُّوا الْأَبْصَارَ ؛ فَإِنَّهُ أَرْبَطُ
__________________
(١) في « ى ، جت ، جن » : « الدراع ». والدارع : لابس الدِّرع. والدرع : لَبُوس الحديد يلبس في الحرب. والحاسر : خلاف الدارع ، الذي لا مِغْفَر عليه ولا دِرْع. راجع : لسان العرب ، ج ٤ ، ص ١٨٧ ( حسر ) ؛ وج ٨ ، ص ٨١ ( درع ).
(٢) في البحار : « النواجذ ». وفي الوافي : « النواجد : أقصى الأسنان ، أو الضواحك منها ». وفي المرآة : « قال ابنميثم رحمهالله : النواجد : أقاصي الأضراس » ، وهذا لا تساعده اللغة ؛ فإنّ الموجود فيها النواجذ ـ بالذال المعجمة ـ بهذا المعنى ، لا النواجد بالدال المهملة ؛ فإنّ لها معنى آخر. راجع : لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٥١٣ ( نجذ ).
(٣) قال الجوهري : « نَبا السيف ، إذا لم يعمل في الضريبة ». وفي الوافي : « أي أبعد وأشدّ دفعاً ». الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٠٠ ( نبا ).
(٤) في « ى ، بث ، بح ، بف ، جت ، جد ، جن » : « عن ».
(٥) الهامَة : الرأس. والجمع : هام. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٦٣ ( هوم ).
وفي الوافي : « قيل : الوجه في ذلك أنّ العضّ على الأضراس يشدّ شؤون الدماغ ورباطاته ، فلا يبلغ السيف منه مبلغه ». وفي المرآة : « وفائدة الأمر بالعضّ على النواجد ما ذكر ، وهو أن ينبو السيف عن الهامة ، وعلّته أنّ العضّ على الناجد يستلزم تصلّب العضلات والأعصاب المتّصلة بالدماغ ، فيقادم ضربة السيف ، ويكون نكايته فيه أقلّ. والضمير في قوله : فإنّه ، يعود إلى المصدر الذي دلّ عليه عضواً كقولك : من أحسن كان خيراً له ». ثمّ قال : « وقال بعض الشارحين : عضّ الناجد ، كناية عن تسكين القلب وطرد الرعدة ، وليس المراد حقيقته. قلت : هذا وإن كان محتملاً لو قطع النظر عن التعليل إلاّ أنّه غير مراد هنا ؛ لأنّه يضيع تعليله بكونه أنبأ للسيوف عن الهام. انتهى. والقائل القطب الراوندي رحمهالله ، ويمكن توجيه التعليل على تأويله ؛ فإنّ الجرأة وثبات القدم وعدم التزلزل سبب للغلبة على العدوّ وعدم تأثير حربته في البدن ، فيكون ذكر الهام على سبيل المثال لكون الغالب وقوع السيف عليه ».
(٦) يقال : التَوَى الماءُ في مَجراه وتَلَوّى : انعطف ولم يجر على الاستقامة ، وتَلوّت الحيّة كذلك. لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٢٦٣ ( لوى ).
(٧) مارَ يمورُ مَوراً : إذا جعل يذهَب ويجيء ويتردّد. ومارَ يمور ، أي جَرى. يقال : الدِماء تمُور على وجهالأرض ، إذا انصبّت فتردّدت. وفي المصحف الشريف : ( يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً ) أي تدور فيها وتموج موجاً. راجع : لسان العرب ، ج ٥ ، ص ١٨٦ ؛ مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ٤٨٥ ( مور ).
(٨) الأسنّة : جمع السِنان ، وهو نَصْلُ الرمح. راجع : لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٨٢ ( سنن ).
وفي الوافي : « قيل : أمرهم بأن يلتووا إذا طعنوا ؛ لأنّهم إذا فعلوا ذلك فبالحريّ أن يمور السنان ، أي يتحرّك عن