مِنَ (١) الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَايَشْغَلُهُمْ عَنْهَا زَيْنُ مَتَاعٍ ، وَلَا قُرَّةُ عَيْنٍ مِنْ مَالٍ وَلَا وَلَدٍ ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ (٢) تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ ) (٣) وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم مُنْصِباً (٤) لِنَفْسِهِ بَعْدَ الْبُشْرى لَهُ بِالْجَنَّةِ مِنْ رَبِّهِ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ (٥) عَلَيْها ) (٦) الْآيَةَ (٧) ، فَكَانَ (٨) يَأْمُرُ بِهَا أَهْلَهُ ، وَيُصَبِّرُ عَلَيْهَا نَفْسَهُ.
ثُمَّ إِنَّ الزَّكَاةَ جُعِلَتْ مَعَ الصَّلَاةِ قُرْبَاناً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلى أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، وَمَنْ لَمْ يُعْطِهَا طَيِّبَ النَّفْسِ بِهَا ، يَرْجُو بِهَا مِنَ الثَّمَنِ (٩) مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ جَاهِلٌ بِالسُّنَّةِ ، مَغْبُونُ الْأَجْرِ (١٠) ، ضَالُّ الْعُمُرِ ، طَوِيلُ النَّدَمِ بِتَرْكِ أَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالرَّغْبَةِ عَمَّا عَلَيْهِ صَالِحُو عِبَادِ اللهِ ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( يَتَّبِعْ (١١) غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى ) (١٢) مِنَ الْأَمَانَةِ (١٣) ، فَقَدْ خَسِرَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ، وَضَلَّ عَمَلُهُ ، عُرِضَتْ عَلَى السَّمَاوَاتِ الْمَبْنِيَّةِ
__________________
بالليل ، أي : واضب عليها في الليالي. وقيل : أي جعلها دأبه وصنعته. من قولهم : هذا طرقة رجل ، أي صنعته. ولا يخفى عدم استقامته. ولا يبعد أن يكون تصحيف « طوّق بها » على المجهول ، أي ألزمها كالطوق ، بقرينة : اكرم بها ، على بناء المجهول أيضاً ». وراجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٢١٧ ( طرق ).
(١) في الوسائل : ـ « من ».
(٢) يقال : ألهاه عن كذا ، أي شغله. النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٨٢ ( لها ).
(٣) النور (٢٤) : ٣٧.
(٤) النَصَب والتَعَب بمعنى واحد ، و « مُنصباً » أي مُتعباً. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٩١ ( نصب ).
(٥) الاصطبار : تحمّل الصبر. راجع : المفردات للراغب ، ص ٤٧٤ ( صبر ).
(٦) طه (٢٠) : ١٣٢.
(٧) في « بث » : « الآيتين ». وفي « جن » : ـ « الآية ».
(٨) في « بح » والبحار : « وكان ».
(٩) في البحار : « الثواب ».
(١٠) في الوافي : ـ « الأجر ».
(١١) هكذا في القرآن و « بذ ». وفي سائر النسخ والمطبوع والوافي : « ومن يتّبع ».
(١٢) النساء (٤) : ١١٥. وقال العلاّمة المجلسي رحمهالله في البحار ، ج ٢٢ ، ص ٢٤ : « أي نجعله والياً لما تولّى من الضلالة ، ونخلّي بينه وبين ما اختاره ».
(١٣) في الوافي : « كذا فيما وجدناه من نسخ الكافي ، والصواب : ثمّ الأمانة ، كما يظهر من بعض خطبه في نهج البلاغة وزاد فيه بعد قوله : ولا أعظم ، لفظة : منها ، ثمّ قال : ولو امتنع شيء بطول أو عرض أو قوّة أو عزّ لامتنعن ، وهو