واعلم : أنّه لو كان الإشكال ذلك فقط فيمكن جوابه بما قالوا. وهو : أنّه يكفي في الأثر أن يكون مع الواسطة ، وما هو اللازم هو كون المخبر به ذا أثر ، وأمّا لزوم كون أثره بلا واسطة فلا ، وهنا يكون في خبر الشيخ والوسائط أثر شرعي ، غاية الأمر مع الواسطة حيث إنّه بعد ثبوت خبر الوسائط الى الصفّار يثبت حكم شرعي ، وأمّا إشكال لزوم كون الخبر وجدانيا فهذا غير لازم ، بل يكفي ولو تقديرا.
ولكن لا يخفى عليك أنّ الإشكال لا يكون ذلك حتى يجاب عنه بما قلنا.
فنقول أوّلا : الإشكال هو : أنّه بعد ما كان يشمل صدق العادل قول الشيخ اذا كان له أثر ، ولا إشكال في أنّ أثر تصديق قول الشيخ لا يكون إلّا تصديق قول المفيد فشمول صدق العادل في خبر الشيخ محتاج وموقوف الى شمول صدق العادل في خبر المفيد ؛ لأنّ هذا أثر خبر الشيخ ، والحال أنّه لا يشمل صدق العادل قول المفيد إلّا بعد شموله لخبر الشيخ ، فيلزم الدور وتوقّف الشيء على نفسه وهذا محال.
وثانيا : أنّ موضوع خبر المفيد لا يكون إلّا صدق العادل ، وصدق العادل لا يشمل خبر المفيد إلّا بعد ثبوت الموضوع ؛ لأنّه من الواضحات أنّ الموضوع مقدّم رتبة على الحكم ، وتكون نسبة الحكم الى الموضوع نسبة العرض الى معروضه ، فكما لا يمكن عروض العرض إلّا بعد وجود موضوعه كذلك لا يمكن الحكم إلّا مع فرض وجود موضوعه ، ففي المقام ما يكون الموضوع في خبر المفيد هو صدق العادل ، وما يكون الحكم أيضا لا يكون إلّا صدق العادل ، ولازم ذلك هو كون الحكم قبل وجود الموضوع وتقدمه على نفسه بمرتبتين : المرتبة الاولى قبل الموضوع ، والثانية الموضوع وهذا محال ، ولا يمكن تقدم الحكم على موضوعه. فظهر لك أنّ في المقام إشكالان : الأول الدور ، والثاني تقدم الحكم على الموضوع ، وكلاهما محال. اذا عرفت الاشكالين فلا بد من الجواب عنهما.
فنقول بعون الله : إنّ الإشكال في المقام تارة يكون إشكالا عقليا وأنّه كيف