المبحث الرابع : في مقدّماتها
والسرّ فيها ما اشتملت عليه من الحكم ، والأسرار التي تقصر عن إدراكها دقائق الأفكار.
أوّلها : الأذان
فإنك إذا دقّقت نظرك فيه ، وتأمّلت في مبانيه ، ومعانيه ، أغناك ما اهتديت إليه بالنظر عن الاحتياج إلى الاحتجاج بمعاجز أُخر في إثبات نبوّة نبيّنا سيّد البشر صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فإنّه وضع للإعلام ، وبيان الأمر بها من الملك العلام ؛ لإقامة البرهان على وجوب حضورها على المكلّفين من نوع الإنسان.
فأثبت بصفة الأكبريّة أنّه أهل للمعبوديّة. ثمّ ذلك لا ينفي وجود المعبود سواه ، فجاء بكلمة التوحيد قائلاً : «أشهد أن لا إله إلا الله».
ثمّ ذلك لا يفيد حتّى يعلم أن الأمر جاء بها من عند الله تعالى ، فأتى بإثبات رسالة الأمر بها ، وقال : «أشهد أنّ محمّداً رسول الله» صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثمّ بعد إقامة البرهان عليها أمر بالإتيان إليها.
ثمّ لما كان ميل النفوس موقوفاً على حصول ثمرة من فعلها ، أبانَ كونها فلاحاً.
ثمّ ذلك كلّه لا يفيد تخصيصها بالإقبال عليها لكثرة العبادات ، فبين أنّها خير الأعمال.
وكرّر التكبير أربعاً ؛ لأنّه مبتدأ الإعلام ، ولأنّ الأُولى لتنبيه الغافل ، والثانية للناسي ، والثالثة للجاهل ، والرابعة للمتشاغل ، وثنّى الشهادة على وفق الشهادة ، وكرّر مرّتين مرّتين لإرادة التأكيد ، ولا يحسن الزيادة على ذلك.
وكرّر التكبير والتوحيد في أخره إعادة للبرهان ، وتحرّزاً عن النسيان ، وفي الخبر : أن تكرار المرّتين إشارة إلى أنّ مبدأ وضع الصلاة على ركعتين ركعتين (١).
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٩٥ ح ٩١٥ ، العلل ١ : ٢٥٩ ب ١٨٢ ح ٩ ، الوسائل ٤ : ٦٤٦ أبواب الأذان ب ١٩ ح ١٤.