وأمّا فيما يتعلّق بذلك ، فلا بدّ من الظهور ليحصل الاطمئنان.
سادسها : العدالة ، وهي في الأصل عبارة عن الاستقامة الحسّية ، والخلوّ عن الاعوجاج الحسّي.
وجُعلت في الشرع فضلاً عن المتشرّعة : عبارة عن الاستقامة المعنوية في خصوص الأُمور الدينيّة والشرعيّة ، ولها عرض عَريض ، ومراتبَ لأحدّ لها ، تتّصل بدايتها بالعصمة ، وغايتها ونهايتها بالفسق على نحو التفاوت في الجانبين (١).
فهي حالة نفسيّة ، وملكة قُدسيّة ، ينبعث عنها ثبات الدين ، وملازمة التقوى والمروءة.
وهي كسائر مكارم الأخلاق ، من أدب ، وحلم ، وكرم ، وشجاعة ، وحياء ، وعفاف ، ونحوها لا تنقدح بحصول ما يخالفها من الصغائر. ويهدمها ما يكون من الكبائر ، إلا أن يثبت إقلاعه عن ذلك ، وعَود تلك الحالة له.
والكِبر والصغر والتوسّط عُرفيات ، فكما لا يخفى على العُرف العام الفرق بين العيب الكبير والصغير ، والمتوسّط ، والمعصية الكبيرة في حقّ الموالي ، والصغيرة ، والمتوسّطة ، وبين الطاعة الكبرى في حقّهم ، والصغرى ، والمتوسّطة ، كذلك غير خفيّ على أهل الشرع بممارسة الأدلّة الشرعيّة والعقليّة الفرق بين الحسنة والسيّئة الصغيرتين ، والكبيرتين ، والمتوسّطتين.
وليست العدالة سوى تلك الملَكة التي تُسبّب الاعتماد والاطمئنان ، لا مجرّد عدم العصيان.
وأمّا الاختلاف في كونها عبارة عن العلم بتلك الملكة ، أو حُسن الظاهر المنبئ عنها ، أو عدم العلم بخلافها. فإن رجع إلى البحث في الطريق ، كان له وجه ، وإلا خرج عن طريق التحقيق.
والظاهر أنّه لا حاجة إلى العلم ، بل يكفي حُسن الظاهر من حصول أقوال وأفعال
__________________
(١) في «ح» : في الحاشيتين.